لا تستغرب وأنت تسوق معلومة لأحد بعد جهد أن يخرج عليك وأنت تتكلم ليسفه كلامك أو معلوماتك ويتمادى لقلة أدبه ليصل لشخصك وأنت لم تقل إلا معلومة، فمثل هؤلاء كثيرون كزبد البحر، ووجودهم في الحياة ككثير من الكائنات، لا دور له سوى استمرار الجنس البشري، ولا أتصور أن يرتقي وجودهم لأكثر من ذلك!
فمرجع تلك المشكلات أنها في الغالب تأتي لطبيعة متلقي المعلومة، فبعضهم جاهل أصلا وجهله مركب، فمقاس عقولهم لا يقبل معلومة إلا بحجم 1 إنش فماذا سيكون مصير معلومة 12 انشا في عقله؟ من الطبيعي سيرفضها ويستفرغها، ولا يمكن أن يطيقها، فلا عجب إن كان الرفض بصيغة الاستهزاء لأن الجاهل لا يحب أن يظهر جهله!
وقد تجد منهم من في رأسه 100 حائط وحائطا تصد الحقائق، فكل فكرة أو معلومة تحتاج لصواريخ عابرة القارات حتى يمكن للمعلومة أن تدخل وتتفاعل مع عقله فهم يصدون الحقائق والوقائع كما صد كفار قريش كلام النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فالفكرة العامة هي أنهم لا يريدون سماع كلامه حتى لا يهز جدار عقلهم ولا أن يفسحوا مجالا للعقل ليقيموا مع النبي صلى الله عليه وسلم نقاشا عقليا حتى لا يتأثروا بالفكر الجديد، فالأشخاص والعقول البشرية هي هي لم تتغير ولكن الأسماء وفحوى المعلومات تغيرت، وهنا يظهر الرفض دون نقاش علمي لأنهم لا يريدون الحقيقة!
غير أن أسوأ من هؤلاء جميعا هم من يرفضون الحقائق لأن قوتهم واستفاداتهم من الباطل، فيضعون صورا عظيمة ومقدسة ويعلمون أنها «مزيفة» لكن رزقهم على كل تزييف، فيتعلمون لخدمة الزيف ويدافعون طمعا في المال وخوفا من السيف، فمثل هؤلاء كمثل قوله تعالى (كمثل الحمار يحمل أسفارا) فلم يستفد من علمه، ولن يقبل طريقا آخر يهتدي به لأن سيده لديه العصا كما أن الجزرة بيده، فهؤلاء مجندون في صد أي فكرة ومعلومة، وهاهم يناقشونك لا لخدمة الحقيقة وبلوغها بل لقمعها وردها، فبئس القوم الظالمين.
لا أستطيع يوما أن أهضم هؤلاء المتفقهين بالأمور السياسية وخباياها وهم تسيرهم الأيديولوجيات الرجعية، وهؤلاء القوم الذين يستشهدون بالأحداث السياسية والتاريخية القريبة من منطلق أبيات شعر أو قصص يكون شهودها «فلان أو علان رحمه الله» فالله عليكم كيف سأنبش قبرهم وأتحرى الحقيقة؟ إذا لا يسعك إلا قبولها والتصديق بها لأن شاهدها عندهم ثقة رحمه الله!
فالشعر أو القصص عوامل مساعدة ولكن الوثائق والكتب هي المصادر الرئيسة، فمن ستخبر ومن ستوجه له المعلومة هو الأساس في كل شيء، فنحن نحتاج لديموقراطية فكرية خصبة تتقبل الآخر قبل أن تتقبل فكرها بمرونة وحوار، وأما النقاش مع الأوباش فنهايته «هواش» وضرب وتخوين وصدامات وقد يتطور الأمر فتدفع بآلامك ضريبة المعرفة!
نص سالفة: جميل ما تراه عيني والأجمل عندما يأمر قلبي عيني فلا أرى غيره مجنون هيا قولوا أو لا تقولوا فالجمال لا يكون إلا داخلي وخارجي فكيف بإنسان حاز الاثنين معا؟ عندها يكتمل الجمال بأزهى حلله والعقل يحير فلا يدرك وصفه، فهذا هو الجمال وليس ما نراه في الافلام جسدا بلا روح وكم من جسد ضاعت روحه، فتاه دربه!
[email protected]