لم تقتصر نجاحات ثورة 25 يناير على تغيير النظام السياسي في مصر وإسقاط نظام مبارك فقط ولكنها طالت الخطاب السياسي لعدد من الجماعات السياسية والدينية، التي تعج بها الساحة السياسية، وأدخلت لخطابها السياسي مصطلحات لم نعهدها في قاموس مفرداتها على مدار تاريخها، فلطالما كان دعاة الدولة المدنية زنادقة والليبراليون مرتدين واليساريون خارجين عن الملة والعلمانيون كفارا، إلا أن الواضح أن التلون أصبح عادة، والمتاجرة بمصطلحات وأيديولوجيات يجهلها مرددوها أضحت ظاهرة والتكسب بات أجندة عنوانها العريض الغاية تبرر الوسيلة ولا عزاء لميكافيللي.
الطريف أن أنصار الدولة الدينية بإمارة إسلامية، نواتها مصر، تحكم العالم، أصبحوا بين عشية وضحاها من أشد دعاة الدولة المدنية وقبول الآخر والتعايش السلمي معه، لا أعلم على من يضحك هؤلاء أو يجهدون أنفسهم في خداع من؟ بالله عليكم أجيبوني من وضع الدم على خارطة التاريخ السياسي لمصر بتأسيسه التنظيمات السرية للاغتيالات؟ومن عباءة من خرجت جماعتا التكفير والهجرة والجهاد؟ ومن قتل السادات؟ ومن المسؤول عن ضرب السياحة بعمليات إرهابية ضد المدنيين العزل من الأجانب؟ ومن فجر الكنائس وقتل الأبرياء في دور العبادة؟ ومن وضع عقوبة قطع الأذن على المخالفين سواء من المسلمين أو المسيحيين؟ ومن تظاهر أمام الكاتدرائية للإفراج عن الأخوات «المتحولات»؟ ومن هدد باقتحام دور العبادة لتحريرهن؟
من السذاجة الترويج لبراءة التيارات الدينية في مصر على اختلاف مشاربها من كل الأحداث السابقة ومن الجهل الإشارة بأصابع الاتهام للتيارات الضالة والمضلة من العلمانيين، الليبراليين واليساريين، والعياذ بالله، كمسؤولين عنها. أنا على يقين بأن الخدعة بالتلون واللعب على أوتار المشاعر لن تنطلي على عامة المصريين حتى وإن سكنتهم لبعض الوقت، فالحل يكمن في دولة مدنية حقيقية لا وجود فيها للفئوية ولا العنصرية على أساس دين أو عقيدة أو ملة، تقف فيها الأقلية على قدم المساواة مع الأغلبية والسيادة فيها للقانون.
حالة التقارب ووحدة الرؤى بين المجلس الأعلى والتيارات الدينية في مصر وقتية ولا تجمعها إلا المصالح المشتركة وتنذر بانقلاب وشيك وثورة جديدة ستدخل مصر في نفق مظلم لا يعلم مداه إلا الله.
٭ النداء الأخير: على طريقة الإذاعة الداخلية في المطارات الدولية «أرجو الانتباه، على جموع الشعب المصري التحرك لبوابة «التحرير» رقم واحد لإنقاذ ما تبقى من ثورتهم قبل فوات الأوان».
[email protected]