أتفق مع ما أثاره النائب عادل الصرعاوي من أنه ليس من المقبول التجديد لوكيل وزارة مساعد في التربية متهم بالتفريط في المال العام وتمت إدانته في التحقيقات الإدارية الأولية التي أجرتها معه لجنة محايدة من أعضاء هيئة التدريس في كلية الحقوق وهم من النخب الأكاديمية التي لا يشك أحد في نزاهتها، وحرصا من تلك اللجنة على استكمال الإجراءات القانونية أوصت بإحالة ذلك الوكيل إلى النيابة العامة ومجلس الخدمة المدنية لمواصلة التحقيق، وبالرغم من الشبهات التي أحاطت به والتي تبرر إيقافه عن العمل، إلا أن وزير التربية تجاوز عن إجراء الإيقاف الاحترازي وطلب من مجلس الوزراء التجديد له ليستمر في منصبه وكيلا مساعدا، علما أن الوزيرة السابقة موضي الحمود أوقفت التجديد له، إلا أن الوزير المليفي خاطب ديوان الخدمة المدنية ومجلس الوزراء طالبا التجديد له ليستمر في عمله وسط استغراب واستهجان موظفي الوزارة الذين توقعوا إيقافه ولكنه كوفئ بعودته وكيلا لفترة 4 سنوات قادمة.
ومسألة الإيقاف عن العمل، وإن كانت مسألة تقديرية للوزير، إلا أنها إجراء احترازي الهدف منه النأي بالجهاز الإداري عن الشبهات التي تؤثر في نظرة الجمهور تجاه ثقة ونزاهة القائمين عليه، وقد جرت العادة على اتخاذ هذا الإجراء مع كل موظف عام يحال للنيابة العامة بأي تهمة جزائية، فكيف والحال متعلق بالاستيلاء على المال العام؟! ولا يحاج في ذلك، كون المتهم بريئا حتى تثبت إدانته فتلك القاعدة القانونية وإن كانت سليمة ولا خلاف عليها، ولكنها لا تبرر استمرار الموظف في العمل، كون الإيقاف لا يعتبر عقابا وإنما إجراء وقائي يتقاضى خلاله الموظف الموقوف راتبه الشهري إلى أن تظهر نتيجة محاكمته، ولكن ماذا لو تمت إدانته بعد أن تم التجديد له بمرسوم لمدة 4 سنوات، فهنا تقع الحكومة في مأزق إداري وقانوني كان بإمكانها تفاديه لو أنها أحسنت تقدير الأمور، لاسيما أن لجنة التحقيق الأولية المشكلة من أساتذة القانون أدانت الوكيل في تقريرها المرسل إلى وزير التربية، خصوصا أن الحكومة هي من تقدمت بالشكوى ومن طالبت بالتحقيق وقدمت أدلة الاتهام التي تعزز شكواها، فكيف إذن تقوم الشاكية، وهي الحكومة، بمكافأة من اتهمته بإعادته إلى وضعه الذي كان عليه؟! مما يعني أن شكوى الوزارة لا تقوم على أساس قانوني وفي هذه الحالة وجب عليها سحب شكواها والإقرار بأن التهم الموجهة للوكيل المذكور لم تكن جدية، بل كانت نتيجة رعونة وتهور إن كان الوزير قد اكتشف أن هناك جورا وظلما وقع عليه في عهد الوزيرة السابقة د.موضي الحمود.
[email protected]