لماذا يلجأ البعض إلى أن يمتدح الغرب وكتبه، بينما يسخر من جمود الشرق وعلمائه؟ لماذا نسمع عن أناس فهموا أن الدين سور يمنع من التفكير ويعوق الرأي والقلم؟ وتوجهوا نحو الحرية المطلقة لدى الغرب؟ إن وجود شخصيات «رموز للدين» تحتكم إلى ضيق الأفق والتخويف من الفكر، هي بذلك تدعو إلى الاستكانة والاتكال بشكل غير مباشر، وكان لذلك أثره وصار سببا في تساؤلنا اليوم.
قرأت ذات مرة بحثا عن أحكام الفنون، كالزخرفة والشعر ونحوهما، والذي آل إليه النظر لدى الباحث أن الأصل عند المسلم هو الانشغال بالعلم والحرص عليه، وأن الفنون لا بأس بها بما فضل من وقت المسلم وزاد. وعندما اطلعت على سيرة بن عقيل (وهو أحد علماء الحنابلة) جاء في سيرته أنه ما جال في فكره إلا ورأى ما يسجله ويدونه.
كان الطبيعي لديهم في ذاك الوقت أن ينشغل المسلم وينتج، أن يفكر ويكتب. أما في الألفية التي نعيشها فقد صار الذي يقرأ وينظر هو المختلف عن محيطه وأصبح من السهل أن نسمع عن أناس لا يقدسون سوی الأكل والبلادة، وهم بأنفسهم يسمون القارئ «معقدا» والمبدع «غريبا»، وذلك هو السبب الثاني لتساؤلنا اليوم.
تربية الإسلام لابد أن تنتج لنا روادا للفكر وقادة للعلم، هي بمقاصدها تنشئ جيلا يفقه ويفهم حدود المتعة، فليست الحياة لديه استهلاكا مفرطا ولا زهدا مذموما، إنما هي طريق موصل للغاية موصول بالعطاء للنفس وللبشر. ليس من الإسلام أن تعيش بلا هدف، وليس منه أن تكثر النوم وتقتات علی طول الأمل بلا علم ولا نظر.
[email protected]