هل جربت أن تتحدث عن اشتياقك للآخر، مشاعرك تجاهه بلغة لا تشبه اللوم؟ ولا التعنيف؟ بلغة سلسة، سهلة، فيها الكثير من الضحك، والنكت، والمرح؟ هل جربت أن تكون مبادرا بالصفح والعفو عن ما مضى من تقصير، وأدوار متضاربة؟ ثم هل جربت الخفة بعدها؟ بعض المشاعر تجعل في القلب غصة، وعندما نكتمها تترجم في أفعالنا، فتكون مبادراتنا ثقيلة، تفتقد الراحة، وحتى الأنس.
قل لي بربك، هل تحب إحسانا من شخص قد عقد حاجبيه؟! أو هل تفكر في طلب معاونته وهو في نفس الحال؟ تقديم الإحسان لا يكفي، طريقة تقديمه هي الإحسان بعينه، محال أن تشعر بالراحة إذا ما كبت وعقدت حاجبيك وادعيت أنك تصبر! الصبر فكرة أنت تؤجر عليها، والتنفيس مهارة أخرى، ولا تعارض بينهما.
الأولى نسمع عنها ولا نتعلمها إلا عن طريق النماذج في حياتنا، أشخاص مروا بظروف عصيبة وتحملوا، أما الثانية وهي التنفيس فنحن لا نتعلمها ولا نراها.
لغة التنفيس قد لا تكون مطروحة في مجتمعاتنا، ولها طرق متعددة، بل يمكن أن تمارسها وأنت لا تدري أنك في طريقك للتنفيس عن مشاعر لا تريدها.
فالتسوق تنفيس، والأكل كذلك وكلاهما هدام أكثر مما قد يريحك، ولكن ماذا عن الرياضة، التحدث، المشي، القراءة، التطوع؟ كلها طرق يمكنك أن تجد فيها الراحة.
إضافة إلى الكتابة لمحبيها، والرسم والتلوين.
كلها تجعلك تطلق المشاعر التي لا تريدها على هيئة حركة ونشاط تفرغه في الخارج لا في داخلك.
لماذا نتحدث عن التنفيس؟ لأنه طريق يجعلك خفيفا، مؤنسا، مبادرا ومرتاحا بعون الله تعالى.عندما نقول بأن الصبر فكرة، فهو فيك عقيدة وعادة، إنك تفكر فيما يقلقك، يزعجك، يخيفك، وتؤمن تماما بأن الذي قدر لك هذا رب كريم سيكرمك، وهاب سيهبك، قوي سيقويك، قادر سيربط على قلبك.
ليت الذين علمونا أن نصبر شرحوا لنا تلك المعاني العظيمة ولم يكتفوا بمصطلح الصبر كشماعة للعجز.
في النهاية، أقول جرب أن تتنفس، أن تعبر، لا تكتم، ولا تدعي الصبر دونما فكرة، تجددها، تحييها، في نفسك دوما وأبدا، جرب الخفة وستجد أن إحسانك صار عادة فيك بطريقته المثلى دونما ثقل أو من أو كدر.
[email protected]
twitter @shaika_a