شاركت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي في القمة الخليجية التي انعقدت مؤخرا في مملكة البحرين.
وحسب صحيفة الصنداي تايمز، فإن «بريطانيا منذ حكومة ديفيد كاميرون عام 2010 تتجه إلى إحياء تحالفاتها السابقة في الخليج عبر زيارات عالية المستوى»، وقد بدا هذا التوجه واضحا في البيان الذي أصدره المتحدث باسم الحكومة البريطانية الذي وصف المشاركة بأنها «تأكيد على انخراط بريطانيا في المنطقة وأن دورها الفاعل لايزال قويا»، وأشير إلى أن حكومة لندن كانت بدأت قبل عام ببناء قاعدة بحرية في البحرين، وهي أول قاعدة دائمة لها في الشرق الأوسط منذ «إعلان السويس» عام 1968 والذي انسحبت بموجبه من منطقة الخليج.
****
العلاقات التجارية المباشرة بين أوروبا والخليج تعود إلى ما قبل الميلاد حين بسط الإسكندر المقدوني نفوذه في الجزر والسواحل الخليجية «جزيرة فيلكا وغيرها» غير ان التعامل المباشر انقطع لمدة طويلة جدا، ويشير صاحب السمو الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، حفظه الله، في كتابه «صراع القوى والتجارة في الخليج» الى ان التعامل التجاري مع أوروبا كان يتم عن طريق مصر عبر البحر الأحمر أو طريق سورية إلى المدن الإيطالية عبر البحر المتوسط، حتى عام 1505 عندما قرر ملك البرتغال احتلال الموانئ الخليجية والتواجد المباشر فيها.
****
استمر النفوذ البرتغالي الدموي في الخليج لأكثر من مائة عام، قبل أن يحصل الإنجليز على موطئ قدم بعد معركة بحرية مع الأسطول البرتغالي في هرمز عام 1620 ليشتعل التنافس التجاري البريطاني والهولندي والفرنسي في الخليج خصوصا في الضفة الشرقية «بندر عباس وجزيرة خرج ومواقع أخرى»، وبعد ذلك شهدت الضفة الغربية (العربية) اهتمام حكومة الهند (البريطانية) بالمنطقة، وتم افتتاح «الوكالات» التي تمثل شركة الهند الشرقية، وبعدها شرعت بريطانيا العظمى في توقيع اتفاقيات الحماية مع الزعماء المحليين، وأرسلت المقيمين الإنجليز (أو العنجريز باللهجة الخليجية القديمة) غير أنها وبعيد منتصف القرن العشرين قررت الانسحاب، لتملأ أميركا الفراغ من بعدها.
****
كان إعلان السويس والانسحاب العسكري البريطاني من المنطقة بمنزلة اعتراف من المملكة المتحدة بشيخوختها وغياب الشمس عن الإمبراطورية العظمى التي لا تغيب عنها الشمس، ومثلما يبدو فإن الامبراطورية العجوز تجرعت إكسير الحياة، وعادت فتية من جديد، بعد التغيرات التي شهدتها الاستراتيجية الأميركية وسعيها إلى احتواء الصين (وعدم تركها تكتب قواعد الاقتصاد العالمي)، وحسب تصريح احد الساسة الإنجليز، فإن (بريطانيا وفرنسا تعملان على الاضطلاع بدور أمني أكثر شمولا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، ومن المؤكد أن عودة «العنجريز» مسألة مرحب بها لما لبريطانيا من محبة خاصة في قلوب أهل الخليج.
salah_sayer@
www.salahsayer.com