الحساسية تجاه الغرباء أو التخوف منهم أو مراقبتهم أو المبالغة في انتقادهم ظاهرة عرفتها المجتمعات القديمة في الماضي وقت كان الوافدون يعيشون في الأحياء العرقية الخاصة بهم.
وأشهر الأمثلة «الحي الصيني» الموجود في أكثر من دولة في العالم. غير أن التطورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي شهدتها البشرية قللت من هذه الظاهرة وساعدت المجتمعات على تقبل الوافدين وسهلت اندماجهم في الحياة العامة.
وأشير إلى أن مدينة «تورنتو» الكندية تعتبر، اليوم، المدينة الأكثر جذبا للوافدين في العالم حيث يتحدث سكانها 140 لغة مختلفة وتتعايش فيها عشرات الثقافات جنبا إلى جنب.
وهذا التنوع البشري مرصود في «دبي» أيضا حيث يجتمع أحفاد أبينا آدم.
****
الترحل والاغتراب والعمل في بلاد أخرى من طبائع البشر. فلا دولة في العالم تخلو من الوافدين إليها على اختلاف أسبابهم وظروفهم. وأشير إلى دولة الفلبين التي يعمل مئات الآلاف من حملة جنسيتها في بلادنا، يوجد في داخل الفلبين مئات الآلاف من الوافدين الهنود! وحول قضية الوافدين في الكويت، أشير إلى أنني مع ضرورة تأمين المصلحة العليا للدولة وعدم غبن المواطن.
إلا أنني أشير أيضا إلى خطورة تفاقم ظاهرة (فوبيا الوافدين) التي يشهدها مجتمعنا المحلي والتي، للأسف، تسعى إلى شيطنة الوافد وكأنه جاء لسرقة البلاد وذلك أمر يجرح مشاعر العديد من البشر الأبرياء.
****
مجتمعاتنا الخليجية ليست استثناء عن سائر المجتمعات البشرية فهي احتضنت وتحتضن الوافدين الذين أمسوا من أبنائها ويحملون جنسيتها وربما اسمها، وأشير في هذه العجالة إلى المفكر السعودي الراحل عبدالله القصيمي الذي وفد جده من مصر حين كان يعمل جنديا في جيش «محمد علي» في حربه ضد الدولة السعودية الأولى، فطاب للجد المقام في القصيم (وقيل إن الجد يتحدر من أصول نجدية هاجر أجداده إلى الصعيد في مصر)، وأختم بأشهر الوافدين العرب وهو الملك فيصل الأول بن الحسين الذي طلبت منه بريطانيا تولي حكم دولة العراق وتأسيس الحكم الهاشمي هناك، وكان قبل ذلك وافدا إلى سورية ويشغل فيها منصب ملك البلاد! www.salahsayer.com
alah_sayer@