(وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) ـ المنافقون: 10 ـ 11.
صدق رب العرش العظيم وقوله الحق أولا وآخرا.
فالزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة بعد الشهادتين والصلاة وقبل الصيام والحج، فرضت في السنة الثانية من الهجرة محددة بوقت ونصاب على المسلمين ليكون عطاؤهم للفقراء ولتنمية قطاعات المجتمع وتجييش الجيوش وإعداد العتاد، ومصارفها الثمانية حددها الباري جلت قدرته في الآية الستين من سورة التوبة.
ولمكتنزي الذهب والفضة، ولمن يأبى دفع زكاة ثرواته بعد حولان، الحول عواقب وخيمة في الدنيا وعذاب شديد في الآخرة، ولم لا وهي فريضة وركن أساسي للإسلام والمسلمين؟ (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ) ـ التوبة: 34 ـ 35.
نشرت إحدى الصحف الكويتية قبل سنوات خلت ان رجلا عربيا (لم تحدد من الكويت أو غيرها من الدول) طلب من مدير أعماله تحديد ممتلكاته ورصد ثروته تمهيدا لأداء زكاتها، ولما أخبره بأن نصيب الزكاة يصل الى ما يعادل الملايين من الدنانير ومعنى ذلك ان ثروته مئات الملايين، فوسوس له الشيطان بذلك، فأحجم عن دفع الزكاة وأخبر مدير أعماله «يصير خير غدا»، فباتت نيته سيئة، وعندما حل الصباح كان قد فارق الحياة بنية الإحجام عن دفع ذلك المبلغ الضئيل مقارنة بثروته الضخمة، معطلا بذلك ركنا من أركان الإسلام وحارما المستحقين من المسلمين من ذلك، فالله أعلم قد تنطبق عليه الآيات سابقة الذكر أو يرحمه الله فذلك ليس بعلمنا.
وهنالك أمور أخرى، وهي ان بعض البخلاء من الأثرياء يحجبون عن أولادهم في حياتهم حقوقهم المالية ويدعونهم في معيشة ذل وهوان وفاقة وحاجة، وعندما يتوفى يحصل أولاده على الثروة فمنهم من يهديه الله ويعطي حق الناس ويتصرف بالعدل والميزان، ومنهم من قد يلعب به ابليس ليصرف أمواله فيما يغضب الله ورسوله.
وقيل في الأمثال «البخيل لا يصنع خيرا إلا عندما يموت».
وهنالك مضرب آخر من أمر الزكاة، وهو ان بعض المنفقين يكونون قد حصلوا على ثروتهم من مصادر غير شرعية البتة: سرقة، اختلاسات، استيلاء على أراض، رشاوى، غسيل أموال، دعارة ومخدرات، من أجور للرقص والعري.. إلخ، ويريدون الزكاة وحيث ان الله طيب لا يقبل إلا طيبا فهل لهؤلاء زكاة؟
لله سبحانه الأمر أولا وأخيرا، فلا مراء في ان اكتساب الأموال واقتناءها بالحرام أمر مناف للشرع والدين، وله عقوبات وخيمة في الدنيا والآخرة.
فعلينا معشر المسلمين ان أردنا من الله النصرة والعضد فيتوجب علينا ألا ندخل في أموالنا إلا حلالا، ولا نصرف إلا حلالا، اذ ان ذلك هو مدعاة لرضا الرب ووسيلة لقبول العمل، فالله جلت قدرته مطلع على السرائر ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، فعلينا عدم التحايل واللف والدوران لأن ذلك لا يجدي في يوم الحساب.
[email protected]