منذ الولادة وحتى الممات، كم هي القناعات والقيم تزرع وتغرس بنا من الوالدين او المدرسة او المجتمع او الإعلام إلى ان تكون شبه ثابتة في سن الخامسة والعشرين، وكما هو ثابت علميا ان معتقدات الانسان وقيمه هي التي تولد سلوكه وافعاله وعاداته في هذه الحياة.
من طبيعتنا كبشر ان نتأثر بالأشخاص الناجحين من حولنا في الحياة ونتأثر أيضا بقيمهم وبسلوكياتهم، وتكاد تكون أكثر كلمة تتداول على مسامعنا عن هؤلاء الناجحين هي كلمة «العصامية» التي تشير في مرادفها العام والشعبي ان الشخص ينجح معتمدا على إمكانياته وقدراته ومهاراته دون مساعدة او دعم من الآخرين، وللأسف الكثير منا من صدق ذلك الوهم، وأكثرهم من الشباب المنطلق والمتحمس لتبني ذلك المفهوم ليقال له مستقبلا الشخص العصامي! فتبدأ مسألة المركزية وتعزيز العمل الفردي والتفكير بعقلي فقط فلا حاجة للآخرين لأنني أسير في طريقي للعصامية.
ان مسألة العصامية وهم نخر في عـــقول المندفعين منا دون التفكير قليــــلا وتحليل بعض المعاني المرتبط بها، فعلى سبيل المثال لو ذكرنا اسم بيل غيتس او ستيف جوبز او أي شخص من «العصاميين» وحللنا حياته ومسيرته الناجحة سنجد ان ذلك الشخص ينجح على مرحلتين أساسيتين الأولى ان ينجح على الرغبة الحقيقية المنطلقة من فكر وايمان بهدف محدد يعمل ويقاتل من اجله، حينها سيصل في نجاحه الى حدود بسيطة لن تتضخم وتتعملق إلا بوجود أشخاص وفريق عمل على طراز عال ومنظمات تدعم هذا النجاح المحدود لتصنع منه وتنقله من حلم لدى صاحبه الى حقيقة ملموسة أمامه، ليس بسبب جهده وعمله لكن بسبب تكامل العناصر التي ذكرتها سابقا، بل انه حتى الرسول عليه افضل الصلاة والسلام كان يقول: «من ينصرني لأبلغ رســــالة ربي؟» في رسالة واضحة الى ان الغايات والاهداف العظيمة تحتاج الى عمل جماعي يسود ويطغى على عقلية العمل الفردي المتزين بمفهوم العصامية، بل حتى ان بيل غيتس في بداياته كان يتلقى الدعم من والدته التي كانت تعمل محامية لجامعة هارفرد كانت ومازالت مايكروسوفت وابل وغيرها من الشركات الأميركية تتلقى الدعم الكامل من الدولة، وأخيرا هناك الكثير من الأمور التي يجب ان نعيد النظر اليها من اكثر من زاوية ونقرأها لأكثر من مرة لعلنا نجد لها البديل الانسب والأفضل خصوصا بعد اكتشافنا ان كثيرا من القيم المجتمعية التي تغرس بنا لكي ننهض وننجح ونكتشف في النهاية انها سبب فشلنا وتخلفنا.
TWEETER: @YNEEMAH