في ستينيات القرن العشرين أجريت احدى التجارب في جامعة ستانفورد التي تبحث في قضية التنبؤ في قوة الإرادة والتنظيم الذاتي للأفراد، حيث طبقت تلك التجربة على مجموعة من الأطفال في عمر 4 سنوات، وتبدأ التجربة بوضع كل طفل في غرفة توجد بها مجموعة من المغريات وأهمها حلوى المارشميللو، ويتفاوض الباحث حول اتفاق محدد مع الأطفال بحيث اما ان يأكلوا قطعة مارشميللو واحدة أو ينتظروا 15 دقيقة ويحصلوا على قطعتين، بدأت التجربة تحت مراقبة الباحثين والنتيجة كانت اسستلام اكثر الأطفال لعرض القطعة الواحدة التي هي الآن دون أي تقدير لعرض القطعتين، كما ان 30% منهم نجحوا في اتخاذ القرار الأفضل وتجاهلوا دوافعهم ومغريات (الآن).
تتبع العلماء لسنوات الأطفال الـ 30% الذين حققوا النتيجة الأفضل في التجربة، وفي ذلك الوقت كان الطلبة في مراحل الثانوية، فتحقق الباحثون بعدة أمور ترتبط بدرجاتهم الدراسية وقدرتهم في احتفاظهم بعلاقاتهم والتعامل والتكيف الجيد مع المشكلات المهمة، فتوصلوا الى ان من كانت لديهم القدرة على التحكم في رغباتهم الداخلية تجاه قطعة المارشميللو كانت نتائجهم الدراسية افضل وكذلك علاقاتهم وشعبيتهم بين زملائهم وكانوا أقل انحرافا للمخدرات!
لكن السؤال هنا: هل اذا نجح الأطفال في تجاوز اختبار قطعة المارشميللو فذلك يعتبر مؤشرا جيدا لنجاحهم في الجانب الدراسي وجانب العلاقات وقضية الانقياد ومقاومة ضغوط الأقران؟
ان التحليل والتنبؤ الأولي للدراسة التي أشار إليها الكاتب CHARLES DUHIGG في كتابه THE POWER OF HABIT في رأيي الشخصي يعطيان ملامح ومؤشرا لدى الوعي في الاختبار وقوة الإرادة من الصغر لهؤلاء الأطفال وقدرة التفكير في الخيارات الأفضل لهم، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة واليسر! هناك عوامل اخرى تدعم النجاح في قوة الشخصية، منها الحرص على غرس القيم السوية والأخلاقيات والتعلم منذ الصغر وبالتحديد منذ سن 2 إلى 7 سنوات، كما يشير الباحثين، فهنا يمكن تشكيل شخصية وهوية وغرس قيمي عميق في شخصية الإنسان الذي يساهم بلا شك في تحديد ملامح وتنبؤات أولية عن نجاحه في الحياة من عدمه طبعا بوجود عوامل بيئية أخرى قد تخدم هذا الأمر او تعرقله.
قوة الإرادة قضية قابلة للاكتساب، اذا قرر الفرد بنفسه ذلك لا يمكن لأي قوة في العالم ان تمنحك قوة الإرادة إلا بشرط واحد! هو ان تقرر ان تمتلك هذه الإرادة وتغرسها بداخلك بطرق مختلفة سأشير اليها في مقالات قادمة، وأخيرا قد نتظاهر بقوة الإرادة أو بأي امر آخر، لكن يجب ان نعرف ان التظاهر بالشيء لا يعني انه فينا، التظاهر بالشيء امر وامتلاكه أمر آخر.
TWEETER: @YNEEMAH