[email protected]
في ظل معطيات هذه المرحلة الآنية والقادمة أرى ضرورة الدعوة الى تجديد الخطاب الإسلامي مع الأخذ في الاعتبار كل المستجدات وفتح باب «النقد الذاتي» تطلعا الى واقع أفضل وتجنبا لمهالك كثيرة قادمة قد تأتي على حساب الثوابت الإسلامية وهذا دور وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وهذه فرصة أشكر معالي الوزير والوكيل والوكلاء المساعدين والمديرين والعاملين على ادوارهم، وأيضا المجتمع بكل قطاعاته وأفراده، فالمسؤولية مشتركة.
نحن نريد في هذه «المرحلة الحساسة» التطلع الى بداية تصويب الأخطاء والمثالب وتطوير «وسائل الدعوة» وصولا الى «الوسطية المرتجاة» والبعد عن «التشنج والتعسف والمكابرة» والقول «نقبل أو نرفض» وهذا جله أو كله عند الجماعات والتنظيمات الإسلامية، فاليوم الأمر يتطلب تعاونا صادقا! كما أنه على «الداعية» الذي نصّب نفسه للناس إماما ان يبدأ بنفسه قبل تعليم غيره، فهو «القدوة» التي تناظرها الجموع!
نحن مطالبون «بتغيير الخطاب الإسلامي» ليس بسبب الضغط الذي يمارسه الغرب على الأنظمة الحاكمة وعلى التيارات الاسلامية في كل مكان «بل» لأننا (نحن) بحاجة ماسة الى «النقذ الذاتي» ولا أقصد «الجلد» إنما الجلوس إلى مائدة الحوار والبدء في «النقد الفاعل للأخطاء وتصويبها» إلى أفعال وممارسات وفعاليات حقيقية في هذه المرحلة على وجه السرعة ووضع «رؤية وسطية لا تخرج عن نطاق الكتاب والسنة» وتأخذ بالعصرنة بمعنى أصح وأدق «رؤية إسلامية حضارية» فيها الحق والمبدئية والصواب والاسلوب هو لباس الفكر القادم!
خطابنا الإسلامي «الدعوي والإصلاحي والوعظي» يظل مفتقرا إلى نوع من «القراءة النقدية» المستمرة والمراجعة والتطوير في ظل هذه «الثورة المعلوماتية والاتصالية» وأرى ان نبدأ استخدام هذه «التكنولوجيا» بشكل صحيح، ولصالح الخطاب الاسلامي وبعيدا عن «الوعظ المباشر»، كما نشاهد في المساجد الآن والاستفادة من نتائج التقدم العلمي والتكنولوجي واعتماد الاسلوب «العلمي» لتحقيق «الأصول المنهجية» في ذكر الآيات وتفسيرها وإبعاد الأحاديث الموضوعة والتقيد بالصحيح منها في الاستشهادات، خاصة التي تثير الناس والعوام وبعيدا عن «الخطب الرنانة» الحماسية التي أضلت كثيرا من شباب الإسلام عن الطريق المستقيم السوي، وأرى ان تبدأ وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية بتغيير «المسجلات» التي تسجل الخطبة الى اخرى اسطوانية تتناسب مع هذا العصر! وأُشيد بقطاع المساجد الذي بدأ يقدم خطبة مطبوعة تساعد الإمام في خطبة الجمعة!
ومضة: نريد خطابا مبشرا غير منفر ويستخدم كل الاشكال والسمات المتعارف عليها ويكون بعيدا عن «التطاول»!
يقول الشاعر ابن الرومي:
الحقد داء دويٌ لا دواء له
يَري الصدور إذا ما جمرُهُ حُرثا
فاستشف منه بصفح أو معاتبة
فإنما يبرأُ المصدورُ ما نُفثا
نريده خطابا واقعيا يقدم رؤى وحلولا ايجابية ولا يتنازل عن الثوابت ويتناول تحديات العصر، ويذكر العائد من الانحراف الفكري والعقدي ان «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»!
آخر الكلام: مطلوب من الخطاب الاسلامي ان يتناول استشراف المستقبل الواعد ويضع «رؤية» لمن يعتلي المنابر وينشر ثقافة الأمة الوسط، والبقاء دائما للأصلح!
زبدة الحچي: علينا التمسك بالكتاب والسنة، لأنهما الأكثر ديمومة وصالحان لكل زمان ومكان فلا مكان للغلو والتكفير!
والدنيا دار ممر والآخرة دار مقر فلم تجعل نفسك وتنصبها وصيا على الناس؟!
خطابنا الاسلامي هو حلقة من «المرسل والمتلقي» وهو كرة «مرتدة» ان كان في الخطاب انحراف فكري ومنهجي بعيدا عن «الوسطية الحقة» وهذا كله مسؤولية وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية ودور مساند من قطاعات المجتمع المدني الداعمة للوسطية.
شريعتنا السمحة «مرتكز أصيل وثابت» نحو أمة لا تعرف التطرف، متى أحسنا اختيار «المرسل» الحامل للفكر الاسلامي الوسطي القادم كلما نجحنا في تحقيق أهدافنا الدعوية.. وفي هذا فليتنافس المتنافسون!
ولنتذكر دائما: «خير الكلام ما قل ودل»!