Note: English translation is not 100% accurate
الحرية الواعية
الثلاثاء
2006/11/21
المصدر : الانباء
نجاح في عملية تلخيص الموضوع
حدث خطأ، الرجاء اعادة المحاولة
لا يوجد نتائج في عملية تلخيص الموضوع
بقلم : يوسف الراشد
يوسف الراشد
نزلت الكلمات السامية التي صرح بها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد لدى لقائه رؤساء تحرير الصحف، على ضمير المواطن الكويتي كحبات مطر صاف بعد صيف حار، فقد مرت الكويت في الأيام الماضية بأجواء مفعمة بالتوتر سواء بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، أو بين أطراف أخرى اشتد بينها الجدل على صفحات الصحف حول الكثير من القضايا، بينما وجد الشعب نفسه حائرا أمام معارك كلامية هادئة حينا وساخنة أحيانا، ولكنها ـ أو معظمها ـ لا يصب في مصلحة الوطن والمواطنين الذين ينتظرون من السلطتين الكثير من الحلول لقضايا مصيرية بعضها «جديد» بحكم تطور الأحداث وتغير الظروف، ويتطلب مواجهة عاجلة وعملية، حتى لا يضيع الوقت، وتتحول بدورها الى أدراج النسيان لتحتل مكانها الى جانب قضايا أخرى «قديمة» ظلت تراوح مكانها بين دراسة هنا وتعقيب هناك، واختلاف في وجهات النظر، ثم تشكيل لجان لبت هذا الاختلاف، ثم ظلت الأمور فيها مجسدة منطق «المشي في المحل»، ويظل المواطن مترقبا، لا يقرأ في الصحف إلا خلافات ومعارك «جدلية» حول قضايا القليل منها يهمه والكثير منفصل عن همومه اليومية والحياتية، وهو لا يظفر منها إلا بسخونة الأجواء وتوتر النسيج الاجتماعي، ولا يجني إلا تصريحات ملتهبة في اتجاه، تقابلها ردود أكثر التهابا في الاتجاه المضاد.
في ظل هذا التوتر الذي قال عنه كثير من المواطنين «نسمع جعجعة ولا نرى طحنا» جاءت تصريحات سمو الأمير لتعيد الهدوء الى قلب المجتمع، وتبعث بريح ندية في الأجواء لتزيل ما علق بها من غبار أزعج رئتي المجتمع الكويتي، وانهك عينيه، فضلا عن تشويشه الرؤية أمام من يريد ان يبحث وسط هذا الضجيج عن قطرة ضوء تبث الأمل في أرجاء «الديرة».
فحين يقول سمو الأمير ان فكرة «الحل غير الدستوري للمجلس» لم ترد من قريب ولا من بعيد، فإن سموه ـ رعاه الله ـ لم يقصد فحسب ان يطفئ هواجس اشتعلت في صدور الناس وفي دواوينهم على السواء، بفعل الشائعات التي غذتها أحيانا مظاهر التوتر بين من ينتظر منهم التعاون من أجل الصالح العام، بل ان سموه أيضا ـ ولعل هذا هو الأهم ـ عمد الى تأكيد ما هو معروف عن سموه من احترامه للدستور وتقديره للأطر الراسخة التي تحكم العلاقة بين جوانب المجتمع الكويتي، ليس فقط بين السلطات التي تشكل هيكل الدولة، ولكن أيضا بين الشعب الكريم وأسرة الحكم العزيزة، حيث مثلت هذه الثنائية (الحاكم/ المحكوم) نموذجا راقيا تراكمت خبراته وتجاربه لتسجل تاريخا نفخر به جميعا شعبا وحكاما بين سائر الدول والأوطان.
وحين صرح سموه بأن الحرية مقبولة، بل ويتم التشجيع عليها، مذكرا الصحافة بدورها الاجتماعي والمهني، فإن سموه يرسم بتصوره عن الحرية الخط الفاصل بين حرية بلا ضفاف يمكن ـ لا سمح الله ـ ان تنقلب الى فوضى تدمر وتحرق، بدلا من ان تبني وتعمر، وبين الحرية المسؤولة التي تراعي، قبل ان تخطو، معايير المهنة ومصالح المجتمع وغايات الوطن، ثم تتحسس بوعي (لا ينفي الجرأة) موضع قدمها بين دائرتي الخطأ والصواب، خاصة ان الكلمة ليست سلاحا بسيطا أو قليل التأثير، وإن كان الحذر واجبا من أن يعمل السلاح في الاتجاه المعاكس.
ومن ثم فإن على الصحافة ان تضطلع بدورها الذي ينتظره منها الجميع بحيث تكون اضافة جوهرية الى معادلتنا الديموقراطية، وعونا على التنمية والتقدم، لا انتقاصا من رصيد التجربة العريقة، حتى نتيح لأجيالنا القديمة ان تمضي بالبلد قدما في خضم ظروف إقليمية ودولية شديدة التسارع ومعقدة الخيوط.
حذر سمو الأمير، وسموه دائم التحذير، من العبث بوحدتنا الوطنية التي هي رصيدنا الحقيقي الباقي لنا من قديم، والذي سيظل ـ بعون الله ـ نبراسا لخطواتنا نحو المستقبل، نصون الكويت على الدوام بالمعرفة واحترام القانون، وقبل هذا وبعده بنسيج اجتماعي شديد التماسك امتحنته ظروف عديدة وتجارب قاسية، وخرجنا منها أشد تماسكا، واكثر التفافا حولها، يحدونا أمل كبير بمستقبلنا، وإيمان عميق بأن توحدنا واجتماعنا على قلب «كويتي واحد» هو البنيان المرصوص الذي سيدفع عنا الخطر، والشراع الذي سيدفع سفينتنا الى بر الأمان.
اقرأ أيضاً