Note: English translation is not 100% accurate
شرخ في جدار المجتمع
الأحد
2007/2/11
المصدر : الانباء
نجاح في عملية تلخيص الموضوع
حدث خطأ، الرجاء اعادة المحاولة
لا يوجد نتائج في عملية تلخيص الموضوع
بقلم : يوسف الراشد
يوسف الراشد
تابعت في الايام القليلة الماضية الندوة الثرية التي نشرتها على صفحاتها جريدة «الأنباء» حول مشكلة الطلاق في المجتمع الكويتي، والتي استضافت للنقاش حولها عددا من المختصين والمعنيين الذين ادلوا بكثير من الآراء والنصائح والتوصيات، تعكس جسامة هذه المشكلة التي امست من الظواهر المنتشرة في المجتمع الكويتي لاسباب عدة، كما تبرز ضرورة التكاتف من كل الجهات والمؤسسات سواء الحكومية والاهلية، لبذل الجهود الواعية من اجل القضاء على اسباب هذه الظاهرة الاجتماعية المتعددة الاضرار من ناحية، ومعالجة تداعياتها وآثارها على جميع اطرافها من ناحية اخرى.
لقد كانت صدمة لي، كما لغيري ممن يحرصون على صيانة استقرار المجتمع الكويتي، وسلامة ابنائه، تلك المعلومة التي اثيرت في الندوة عن ان نسبة الطلاق بالنسبة الى حالات الزواج تبلغ نحو 33%، وهو رقم مفزع، ولاشك يفضي بنا على الفور الى بوابة الجدية والمنهجية، للبدء ـ عبرها ـ في دراسة موسعة للجذور العميقة لانتشار الطلاق، تشارك فيها كل الجهات البحثية التي تندرج ابعاد هذه الظاهرة في نطاق تخصصها، اذ لا جدال في ان عدم التوافق الزوجي، بما يؤدي اليه من تباعد بين الزوجين، سواء ظل هذا التباعد مكتوما تحت سقف المنزل، متخذا شكل الانفصال النفسي، او ظاهرا للعلن بالطلاق الرسمي، هو نتيجة لتراكم وتشابك عدد كبير من العناصر الفاعلة يرجع بعضها الى الشخص نفسه وبعضها الآخر الى الاهل، فيما يبرز نصيب ثالث للثقافة السائدة في المجتمع المحيط بالزوجين، ويتقاطع مع هذا كله البعد الاقتصادي، ومستوى الوعي الذي يقف عنده طرفا علاقة الزواج التي حضت على صيانتها واحاطتها بالاستقرار كل الديانات والقوانين.
وسواء وقع الطلاق بالجملة او مجزأ، وسواء كان طلاقا هامسا مع وقف التنفيذ، او صارخا شهدت وقائعه قاعات المحاكم، فانه يمثل ـ خاصة بهذه النسبة المفزعة ـ شرخا عميقا في جدار المجتمع ينبغي التنبه اليه ـ الآن وفورا ـ والدعوة الى تنوير الشعب بكل فئاته وشرائحه بأبعاد ظاهرة انعدام التوافق الاسري الآخذة في التزايد بصورة تهدد سلامة المجتمع على كثير من الصعد، فليس جديدا ان الطلاق قرار يتخذه احد الزوجين او كلاهما سواء في لحظة انفعال غير مسؤول، او بعد اتفاق وتراض، ولكن آثاره السلبية التي تصل الى حد الكوارث لا تقع عليهما فقط، بل ان الطلاق سرعان ما يتحول الى لهب غير قابل للانطفاء يلتهم الى جانب طرفيه «الفاعلين» ابناءهما الذين يدفعون ثمنا باهظا لجرم ارتكبه غيرهم، كما لا يستثني هذا اللهب اهالي الزوجين، بما يثيره من عداوة وتشاحن بين الفريقين من ناحية، وبما يلقيه من ظلال قاتمة على اهل المطلقة في كثير من الاحيان، خاصة في بعض بيئاتنا العربية التي لا تزال تنظر الى المطلقة نظرة سلبية طافحة بالايذاء.
لقد اضاءت ندوة «الأنباء» جوانب كثيرة من القضية، وابرزت نقاطا جوهرية كانت غائبة عن كثيرين، وطرحت توصيات تستشرف ما يمكن ان يضطلع به المجتمع الكويتي بأجهزته الرسمية ومؤسساته المدنية من اجل اشاعة ما يمكننا تسميته «ثقافة الزواج»، هذا اللون من الثقافة الذي اشك كثيرا في ان الكثيرين لا يكترثون له، فيما ينشغلون بترتيب الاحتياجات المادية للزواج، وكأن البيت الفخم والاثاث الوثير هما الشرطان الوحيدان للزواج الناجح، ثم يفاجأ الزوجان بعد ساعات من الزفاف بأن الزواج رسالة سامية، ذات ابعاد دينية واجتماعية واخلاقية، وان هذه الشركة «الروحية» الفريدة تتطلب شريكين قد اعدا نفسيهما جيدا لادارتها، وتسلحا ـ لانجاحها ـ بالمعرفة والوعي ومقاومة السقوط في اغراء ان يكون كل طرف هو الرابح الوحيد.
انها ثقافة الزواج التي يجب على المجتمع الكويتي ان يشيعها بين افراده، ولو عن طريق ادراجها بين المقررات الدراسية لطلبة الجامعة، وهو ما يمكن ان يكون اجدى للمجتمع على كل الصعد، بدلا من ترك مؤسسة «الزواج»، التي هي الركن المكين للمجتمع، نهبا لنزعات غير ناضجة، لم يجتهد اصحابها في تشذيبها، فيبدو بعض الشباب وهم يؤسسون بيوتهم الزوجية ـ وقد اغفلوا التسلح بالوعي الثقافي المطلوب ـ كطيور حمقاء تبني اعشاشا لصغارها في مهب العاصفة!
اقرأ أيضاً