شخصيا أؤمن تماما بأسباب «جمعة الغضب» ولكني اخالف الشباب الراغبين في الخروج بطريقة اختيار المكان، لاكثر من سبب منطقي سأورده على شكل فقرات، واتمنى من كل قلبي ان يجتمع الشباب في ساحة الارادة بدلا من ساحة الصفاة.
اولا: سيـقطعون الطــريـق امام المتصيدين في مياه السياسة العكرة.
ثانيا: سيقطعون الطريق على وزارة الداخلية «بكبرها» والتي افادت التقارير الواردة الى مسؤوليها بأن الشباب «ما بأذنهم ماي» وسيجتمعون حتى لو اقتضى الامر ان يجتمعوا بين رصيفي الشارع، لذا جاء بيان وزير الداخلية الشيخ احمد الحمود امس الاول اكثر هدوءا من سابقه، واكثر رصانة من بيان قياديي وزارته الذين قالوا ان «صدورهم ضاقت» متمنيا الحمود في بيانه الهادئ ان يكون التجمع في ساحة الارادة بدلا من الصفاة.
ثالثا: لا انكر ان النقاط التي وضعتها وزارة الداخلية تشرح فيها طريقة عملها لمواجهة «جمعة الغضب» كانت عبارة عن بالونات اختبار حرارية، لم يحسب من اطلقها ان الشباب الكويتي جبل على العناد وحتى من لم يكن في نيته الخروج فسيخرج واعتقد ان «عنب» رسالتنا وصل، لذا فلنترك «ناطور» التجمع في الصفاة ونتجه الى ساحة الارادة.
وحاشا لله ان اكون مثبطا لرغبة الشباب في الخروج والتعبير عن رأيهم الذي كفله لهم الدستور مطلق الحرية في ممارسته، حتى ان حكم المحكمة الدستــورية وكما اوضح المحامي الحميدي السبيعي في قراءته لقانون التجمعات اثبت قانونا عدم دستورية قانون التجمعات، ولكنني اتمنى وهو مجرد رأي عابر، سبق وان اطلقه النائب الفاضل د.جمعان الحربش مساء اول من امس ان يكون التجمع في الارادة.
ورغم رجائي والرجاءات الاخرى التي اطلقها عدد من الاخوة، الا ان القرار سيبقى رهنا بارادة الشباب، ومخطئ بل وظالم للواقع من يظن ان الشباب يقلدون ثورة مصر او تونس، ففارق كبير بين الاوضاع السياسية هنا وهناك أوهناك انما التظاهر وسيلة تعبير معروفة في كل بلدان العالم، وما وصلنا ليس عدوى من احد، بل ان الرغبة في التظاهر هي ردة فعل وتحسس سياسي شديد مما يحدث في بلدنا من تجاوزات اصبح من الظلم السكوت عنها، ولو اردتم قائمة لاعددها لما اكفتني مقالة معلقة لسردها، التجاوزات في التعيينات والتعاطي الاقتصادي وتقسيم المجتمع واللعب على اوتار الطائفية والفئوية او انتقائية تطبيق القانون، وموت بريء في مخفر، والافرج عن ارهابي، ومليارات تتبخر على مشاريع لم ولن تحدث، وتعاط سيئ مع الشأن الخارجي، ومدينون يريدون احراق انفسهم بعد ان تحولوا الى اجراء لدى بنوك، وحكومة تدفع المليارات لـ «كم تاجر» ويعز عليها ان تنقذ رقاب ابنائها.
حكومة تمارس «حرب المناقصات» ضد خصومها، بل وتمارس الدعاية الاعلامية المضادة تجاه كل من يخالفها حتى ولو كان الامر يمس قبيلة او حتى فئة بأكملها، لا يهم، حكومة ترى ان الشعب لا يستحق الحياة الا وفق النظام الرعوي لا النظام المؤسساتي القانوني الحقيقي لذا لم تسع يوما بشكل جدي للتحول الى دولة مدنية خالصة.
حكومة لا تؤمن بالدولة المدنية قدر ايمانها بالمكتسبات السياسية قصيرة الاجل كالنجاح في الخروج من الاستجوابات بأقل الاضرار الممكنة، حكومة ابعد ما تكون عن الشفافية، بل حكومة لو كانت تملك شفافية حقيقية لواجهت الجميع، ولواجهت بـ «علنية» حتى ولو تم توجيه 4 استجوابات يوميا.
شباب يرى بلده يدار بنهج كهذا لا تلوموهم، ولا تعتقدوا ابدا ان الشباب يخرج فقط بمظاهرات بحثا عن المكتسبات المادية ابدا فالشباب اليوم يخرجون لنصرة وطنهم.
[email protected]