- على أعضاء الحكومة أن يعملوا لتحقيق حلمنا برؤية المشاريع التنموية والكويت تستاهل الفداء والتضحية
- رسالتي إلى أعضاء مجلس الأمة: لماذا انشغلتم عنا بأمور سلبية لا تفيد البلد في شيء؟!
- أقول للمواطنين: الكويت ليست مصدر عيش فقط فليكن ولاؤكم لها وساهموا في بناء نهضتها ورفعة شأنها
- شاركت في أول استجواب في تاريخنا البرلماني ولم يكن في قاعة عبدالله السالم بل في مكتب الوزير
- الرشايدة هم أول من استضافوني في البادية وعلى أيديهم تعلمت كيفية معرفة الجهات الأربع
يتلألأ في سماء الكويت تاريخا مضيئا بالكثير من الذكريات الجميلة، تماما كنجمة في كبد السماء يرقبها ليهتدي بها أثناء رحلته الفلكية، هكذا هو عالمنا الفلكي د. صالح العجيري والذي على الرغم من أنه تجاوز التسعين عاما إلا أنه لايزال في عداد الشباب بأحاديثه الجميلة وذكرياته الفياضة.
ولد د. العجيري عام 1922 يوم كانت الحياة أبسط ما تكون، فلم تكن التكنولوجيا الحديثة قد ظهرت بعد، ولم تكن هناك كتب فلكية ولا مدارس، وبعد سنوات من ولادته أرسله والده للصحراء لتعلم الفروسية وعلوم الرجال وكان في تلك الرحلة ضيفا على قبيلة الرشايدة، وحتى اليوم لايزال قلبه يفيض وفاء لتلك الفترة، وهناك في الصحراء بدأ درسه الأول في علم الفلك وكان دخوله إلى هذا العالم ليس إلا من باب اعرف عدوك لأنه كان يخف من الريح ومن وميض البرق ومن الرعد ومن كل الظواهر الطبيعية وهكذا رب ضارة نافعة.
في يوم من الأيام وقع بيده كتاب عن الفلك لعالم مصري فقرر العم صالح العجيري أن يسافر إلى مصر ليفاجأ بأن العالم الذي قصده قد بلغ من الكبر عتيا، لكنه رحب به وأرسله لأحد تلامذته والذي على يده تعلم العجيري.
ولم يكن العجيري إلا ابنا بارا للكويت بما قدم وما أعطى ولايزال، ولذا فقد استحق هذا الحب الكبير والذي يتجسد في مئات من الدروع التذكارية والشهادات التقديرية التي تحيط بمكتبتها بينما يجلس ويفكر لتصبح هذه المكتبة جزءا لا يتجزأ من حياة الوالد العم صالح العجيري وفي هذه المكتبة كان حواري معه عن طفولته وشبابه وظلت رحلتنا لنطوف على الكثير من الأحداث والمواقف ولم يكن شيء أكثر إيلاما لهذا الرجل وهو الوفي من فقده ولده وزوجته ونفرا من أصدقائه الذين ركبوا قطار الموت وحتى هذه اللحظة يقول العم صالح وهو يمر بجانب المكان القديم لديوان ياسين الغربلي «أتمنى لو نزلت وقبلت الجدار».
العم صالح العجيري في هذا الحوار يوجه رسائل للعديد من فئات المجتمع للسادة أعضاء مجلس الأمة بصفته مواطنا ورسالة أخرى للوزراء ورسائل للرجل والمرأة وهي تعتبر عصارة تجربته في الحياة، إلى هنا أنقلكم إلى تفاصيل اللقاء التالي:
في البداية حدثنا عن نشأتك؟
ولادتي كانت في منطقة القبلة وتحديدا في عام 1922 في حياة لا تحتاج لأن أصفها بالبساطة وقلة الحال، فالكل يعرف ذلك، إذ لم نكن نملك من التطور شيئا وكانت حياتنا بدائية قامت على البساطة وبدأت تعليمي بشكل بسيط ومتواضع عن طريق والدي ثم بعد ذلك التحقت بالمدرسة المباركية حيث أكملت الدراسة فيها حتى الصف الثاني الثانوي في عام 1940 وكان هذا آخر صفوف الدراسة في «المباركية» آنذاك لأنه لم يكن يتوافر العدد الكافي لفتح الصف الثالث الثانوي.
من هم أبرز أساتذة العم صالح العجيري؟
في الحقيقة أنا أحترم وأعتز بكل من تعلمت على أيديهم وأدعو لهم دائما بالرحمة والمغفرة فجميعهم انتقلوا إلى رحمة الله ومن أساتذتي محمد بن شرف ووالدي محمد صالح العجيري والملا مرشد محمد سليمان وأحمد شهاب الدين وجابر حسن حديد ومحمد نجم وعبد اللطيف الصالح وفيصل الطاهر وإبراهيم عيد وكلهم رجال أفاضل تعلمت منهم الكثير؟
وماذا عن زملاء الدراسة وأصدقاء الزمن الجميل؟
من زملائي خلال الدراسة سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، الذي كان مثالا في التواضع والاحترام ولي معه، رحمه الله، ذكريات عديدة ومواقف كثيرة، إضافة إلى الاخوة الأفاضل عبدالرزاق أمان ومحمود عبدالله إسحق وعبدالعزيز الغربللي وعبدالرحمن العبد المغني وداود مساعد الصالح وعبد اللطيف أمان ويعقوب الحمد ومحمد الشيخ وعبدالله الخلف الدحيان وجاسم حمد الصقر، ومحمد عبدالمحسن الخرافي ومرزوق المرزوق وعبدالله المرزوق وسعدون السعدون وبرجس محمد البرجس وعبدالله الرشيد.
رسالة سامية
تجربة التدريس كيف وجدتها وما نصيحتك للمعلمين؟
تم تعييني مدرسا عن طريق وزارة المعارف في المدرسة الشرقية ثم بعد ذلك انتقلت للتدريس في مدرسة الأحمدية، والتدريس رسالة سامية ومساهمة جليلة في تخريج أجيال تخدم الوطن والمجتمع ونصيحتي للمعلم أن يبذل قصارى جهده وأن يتحمل الطلبة، فالمدرس الناجح يستوعب الطلبة ولا يغضب.
بين التجارة والحكومة كيف كانت رحلتك؟
بعد عامين من العمل في التدريس انتقلت إلى العمل عند التاجر علي قبازرد محاسبا ولمدة 3 سنوات ونصف تقريبا، وكنت أتقاضى راتبا قدره 250 روبية، وبعد ذلك انتقلت عند التاجر أحمد الغربللي براتب 400 روبية وعملت لديه محاسبا لأن دراستنا في المدارس كانت أغلبها في الأشياء التي يحتاجها التاجر خصوصا المحاسبة وبقيت أعمل محاسبا لأكثر من 10 سنوات وبعدها انتقلت للعمل الحكومي في دائرة أملاك الحكومة، ثم انتقلت إلى دائرة الإسكان والشؤون الإدارية، ومن ثم انتقلت إلى دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل مسؤولا عن الإسكان.
وماذا عن تجربتك في بنك الائتمان والادخار؟
بنك الائتمان والادخار كان من المحطات التي عملت فيها، وكنت مؤسسا لقسم الادخار حتى تقاعدت مراقبا لإدارة الادخار في عام 1971 والإنسان عليه أن يعمل جاهدا لكسب العيش الكريم ولا يتأخر في خدمة وطنه وشعبه وأن ينظر إلى المصلحة العامة.
بداية الفلك
وماذا عن بدايتك في علم الفلك؟
عندما كنت صغيرا كنت أخاف من الظواهر الطبيعية أخاف من صوت الرعد ومن وميض البرق والرياح والظلام وكل ما هو طبيعي أخاف منه، ولذا دخلت إلى علم الفلك من باب «اعرف عدوك» وقد درست علم الفلك في أكثر مكان من حيث أرسلني والدي إلى أحد معارفه وهو نصرالله العبدالرحمن، رحمه الله، وكنت أقتني كتابا من تأليف الشيخ العيوفي وهو من علماء الإحساء، وكان ذلك الكتاب يحتوي على جداول الشهور والأوقات لتلك المنطقة بصورة مبسطة، وقد استوعبت جميع معلوماته، وبعد ذلك اطلعت على نتيجة قديمة من إعداد المرحومين محمد بن عيسى العصفور وحسين العسعوسي 1933 تتعلق بحساب المواقيت والنوروز، فاستوعبت المعلومات التي تحتويها، وأصبحت أستطيع تصحيح ما ورد في الكتابين من أخطاء.
دائما تذكر أن الرشايدة هم من علموك الفلك، فما قصتك مع قبيلة الرشايدة؟
نعم، الرشايدة أول من استضافوني في البادية عندما كنت أذهب إلى البر وهم من علمني الجهات الأربع بالإضافة لمشاهدتي النجوم والقمر والظواهر الطبيعية بدأت من «الجدي» القطب الشمالي ومن الشمس والقمر وكنت أعرف الاتجاهات من الكثبان الرملية ومن المتموجات التي تتكون على الرمال والشجيرات الصغيرة ولم تنقطع صلتي بقبيلة الرشايدة ومازالت تربطني بهم صداقة حتى هذه اللحظة.
رحلة شاقة
هل كان هناك مدرسون متخصصون في الفلك وقتها، وكيف استطعت مواصلة المشوار؟
وقتها كان الأمر أصعب مما تتوقع، فلم يكن هناك متخصصون في الفلك، ولكن وقع في يدي كتاب مصري اسمه «الزيج المصري» وقرأته لمدة سنوات ثم خفي علي منه الكثير، فصممت أن أذهب لمقابلة مؤلفه في مصر، وكانت الإمكانيات وقتها صعبة، فلم تكن المواصلات ميسرة كما هي في وقتنا الحالي، ولكنني قررت أن أذهب لمؤلف ذلك الكتاب مهما كانت الظروف، فركبت من الكويت إلى البصرة ومن البصرة إلى بغداد ومن بغداد إلى بلاد الشام ومن بيروت إلى الإسكندرية ومن الإسكندرية إلى القاهرة وكانت الرحلة الأولى في حياتي، حيث لم أكن سافرت في رحلة طويلة بعد، وانتهى خط الباص وركبنا الحمير في منطقة ميت النخاس في مصر وفتشت عن المؤلف عبدالحميد مرسي غيث حتى وجدته وإذ به بلغ من الكبر عتيا، لكنه لم يقصر معي حيث بعثني لأحد طلبته في القاهرة وهو الأستاذ عبدالفتاح وحيد أحمد الذي أخذت عنه الكثير من علم الفلك ومازلت أذكر مكانه حتى هذه اللحظة.
كيف وجدت رحلتك إلى مصر؟
مصر كانت ولا تزال أم الدنيا من جميع النواحي، فهي سباقة في كل شيء، فقبل أن يكون عندنا مطابع ولا كتب ولا مدارس كان كل ذلك موجودا في مصر وفيها علماء ومفكرون في مختلف المجالات، وأنا دائما أفخر بمعرفتي الفلكي المصري محمد باشا الذي درس الفلك باللغة الفرنسية، ولأنه مسلم فقد حقق الحوادث التي حدثت في السيرة النبوية وترجمت من الفرنسية إلى العربية.
كنز مدفون
وماذا عن أستاذك عبدالفتاح، هل أخذت منه كتبا في الفلك؟
على رأي إخوانا المصريين «الحلو ما يكملش»، فالاستاذ عبدالفتاح فيه عيب وهو أنه يمتلك مكتبة جمعها على مدى عشرات السنين فيها كتب ومخطوطات، لكنه لا يسمح لأحد بأن يرى مكتبته حتى أنا رغم أنني كنت طالبا عنده، والغريب أنه كان يوصي زوجته بأن تدفن كتبه معه، وفي يوم من الأيام بعثت لي زوجته تخبرني بأن الأستاذ عبدالفتاح انتقل إلى رحمة الله تعالى، فكتبت لها وأخبرتها رغبتي بالحصول على بعض الكتب ووافقت فزرت القاهرة ودخلت إلى الكنز وأخذت 70 كتابا وقالت لي هذه الكتب خذها ببلاش فقلت لها لماذا؟ قالت «دول كانوا ضرتي».
منحت من قبل جامعة الكويت درجة الدكتوراه الفخرية وكنت أول من يحصل على هذا التكريم فكيف وجدت ذلك؟
لما قررت إدارة الجامعة تكريمي وسألوني ماذا تريد اخترت ساعة رولكس ولكن في 26 فبراير 1981 كرمت بمنحي دكتوراه فخرية، وهذا التكريم أسعدني كثيرا من جامعة الكويت كما تشرفت بحصولي على قلادة مجلس التعاون للعلوم في عام 1988 وجامعة الكويت قريبة لقلبي وكذلك الطلبة ودائما أتشرف بإقامة المحاضرات والندوات فيها.
هل تعرف التحدث بالإنجليزية وماذا عن قراءتك لكتب الفلك باللغة الأجنبية؟
تعلمت الإنجليزية في المدرسة ولكنني ضعيف فيها إلا أنني عندما أفتح كتابا في الفلك ويكون مطبوعا باللغة الإنجليزية أستطيع قراءته وفك الرموز الفلكية، والعلم لا يتوقف عند حد ولا أمانع في تعلم اللغات.
اشتهرت في فترة من الفترات بأنك طبيب أسنان فما قصة هذا الأمر؟
في يوم من الأيام جاءني جدي لوالدتي وهو يحمل كراسا، وقال لي افتح هذا الكتاب وابحث لي عن علاج لألم الضرس وفتحت الكتاب ووجدت وصفة لعلاج الضرس وأصبحت أعالج الناس ولم يكن أحد يشتكي من ألم الأسنان إلا ويأتيني، وبعد مدة وجدت وصفة للتسهيل على المرأة المتعسرة في الولادة وأصبحت طبيبا لعسر الولادة وأنا عمري 14 عاما، والسبب أن المريض مثل الغريق يتعلق بأي قشة مهما كانت.
رسائل واضحة
هل من رسالة توجهها للسادة أعضاء مجلس الأمة؟
رسالتي لهم أقول نحن الذين انتخبناكم وأنتم بالنسبة لنا صفوة القوم لأنكم تمثلوننا، ولكننا نعاتبكم عتاب المحب فنقول لكم لماذا انشغلتم عنا بأمور سلبية لا تفيدنا ولا تفيد البلد بشيء حتى أصبحت كل جلسات مجلس الأمة استجوابات ونحن أصابنا الملل من هذه الاستجوابات.
ألم تشارك يوما من الأيام في أي استجواب أو تكون طرفا في ذلك؟
من المواقف التي لا أنساها أنني كنت يوما من الأيام طرفا من أطراف أول استجواب في تاريخ مجلس الأمة وكان مقدم الاستجواب هو النائب السابق محمد الرشيد، رحمه الله، وكان المستجوب عبدالله الروضان وزير الإسكان الأسبق وسبب مشاركتي أنني كنت مسؤولا عن الإسكان لكن المفارقة العجيبة أن الاستجواب لم يكن في مجلس الأمة بل كان في مكتب الوزير ولمدة أقل من ساعة انتهى على خير لأن الهدف لم يكن شخصيا وإنما كان للمصلحة العامة، وكم نحتاج إلى هذه الطريقة في ظل ما نشاهده اليوم.
ما الرسالة التي توجهها للوزراء؟
رسالتي للوزراء أقول لهم أنتم السلطة تنفيذية التي تنعقد عليها الكثير من الآمال والتطلعات لذا نأمل منكم عدم التواني وعدم التخاذل من أجل تحقيق حلم المواطنين وأحلامنا جميعا برؤية المشاريع التنموية ونذكركم بأن الكويت تستاهل الفداء والتضحية.
وما رسالتك لأبناء الكويت بعد هذا العمر الطويل ألبسك الله لباس الصحة والعافية؟
رسالتي التي أوجهها لأبنائي وبناتي المواطنين وبكل حب أقول لهم عليكم أن تكونوا مثل آبائكم الذين عاشوا في كل الأحوال والظروف، وأن يكون ولاؤهم للكويت وأن يساهموا في بناء ونهضة الكويت في كل المجالات وألا يكون الوطن مصدر عيش فقط وأذكرهم بأن آباءهم وأجدادهم عاشوا في أصعب وأحلك الظروف حتى واجهوا أعواما كانت حافلة بالصعوبات مثل سنة الهدامة وسكة الغوص وغير ذلك من الأيام الصعبة ولكنهم ظلوا متماسكين مترابطين لذا أوصيهم بأن يكونوا متحابين متآخين ولا أقول لهم انني سمعت أو قرأت ولكنني أقول بنفسي ذات يوم ذهبت إلى بيت جيراننا وقلت لهم «أمي تبي عودين كبريت» حتى بأعواد الكبريت تآخينا.
رسالة توجهها للمرأة والتي بلا شك تعتبر نصف المجتمع؟
المرأة الآن أصبحت متعلمة أكثر من ذي قبل ولها مكانتها في المجتمع وعلى المرأة أن تهتم بتربية الأبناء التربية الصحيحة وأن تساهم في بناء الوطن من خلال موقعها كما أني أقول للنساء خلوا مكان للرجال وادعوهم إلى الحكمة.
وما رسالتك للرجل؟
الرجل في الماضي كان يبذل جهدا كبيرا للحصول على لقمة العيش وهذا المطلوب من الرجال العمل والكدح من أجل لقمة العيش لا أن ينتظروا من يطعمهم ورسالتي لهم أن يهتموا في بيوتهم ويسامحوا وينبذوا كل الخلافات وأن يكونوا أزواجا صالحين وآباء مشفقين وأبناء بارين.
التحلي بالقناعة
برأيك ما مشكلة المواطن الكويتي اليوم؟
أعتقد أن مشكلة المواطن اليوم أنه يتطلع للأكثر والأفضل دائما وهذا الشيء وإن كان حسنا ومطلوبا لكن في الوقت ذاته علينا أن ننظر إلى الدول من حولنا حتى نعرف نعم الله علينا، فقد أنعم الله علينا بخيرات وثروات تحتاج إلى شكر وما نحتاجه اليوم هو التحلي بالقناعة.
يتذمر البعض من سياسة الحكومة وتقديمها بعض الخدمات للدول الخارجية، فماذا تقول عن ذلك؟
سمعت هذا كثيرا لكن على الأحبة المواطنين أن يعرفوا حقيقة لا تقبل جدلا وهي أن هذه السياسة تعتبر محافظة على الأمن القومي ونحن بفضل الله ثم علاقاتنا وصداقتنا تمكنا من تحرير بلدنا في مدة قصيرة لم يعدها التاريخ حتى أن الكويت كانت أسرع الدول التي تحررت بعد دخولها الحرب لأن الأيادي الكويتية امتدت لأقصى طرف في العالم.
ذكرى أليمة
في العام 2003م تعرضت لحادثة على اثرها فقدت زوجتك وولدك والآن بعد هذه السنوات ماذا تذكر من تلك الحادثة؟
بطبيعتي لست من الأشخاص الذين ينفعلون سريعا، ولكن بعد فترة من الصدمة أبدأ بالتأثر بل وأبدأ بالشعور بالحزن والبكاء وهذا الشعور طبيعي جدا، أما قصة تلك الحادثة فزوجتي كانت مصابة بالشلل وتنام على سرير طبي بينما أنام أنا على الأرض وأخدمها إذا احتاجت لذلك وفي يوم من الأيام وجدت الدخان يحاصر البيت وجاء ولدي ليساعدنا، أما أنا فذهبت لإبلاغ الخدم وكتب الله لي السلامة وتم نقلي إلى المستشفى والكل اعتقد بأنني فارقت الحياة ووقتها وعلى الرغم من هول الفاجعة إلا أنني رأيت من الذين حولي موقفا مشرفا لا أستطيع نسيانه فالكل يسأل والكل يدعو، وتعلمت من هذه الحادثة الكثير من الدروس، فالدنيا لا أمان لها ولكن ليس هناك أفضل من الاستسلام لقضاء الله وقدره والحمد لله على كل حال.
كنت دائما تنصح الآخرين بعدم وضع الحماية الحديدية على النوافذ، فلماذا؟
نعم أنصحهم بذلك وباستمرار لأن هذه الحماية كانت من الأسباب في موت ولدي فقد حاول الخروج من نافذة الغرفة ولكنه لم يستطع بسبب وجود الحماية الحديدية وكان يحاول كسرها لكنه لم يستطع، لذا فأنا انصح أصحاب البيوت بعدم وضع هذه الحماية.
اليوم نحن نعيش أزمة اجتماعية بسبب الغضب حيث كثرت حالات الطلاق والعقوق والمشاكل الأسرية، ما توجيهك؟
نعم هذا الصحيح ولكن يفترض التعقل والحكمة وسعة الصدر وأخذ الأمور بكل هدوء وبلا عصبية لأن الغضب لا يأتي بخير وأنا أذكر أنه كانت تحصل بيني وبين زوجتي بعض المشاكل، ولكنني كنت آخذ الأمور بكل هدوء وسعة صدر واستمرت الحياة على أجمل ما يكون دون مشاكل ولو وقفت مع أول مشكلة لكانت النتيجة الطلاق، ولكن العاقل يتحمل ويصبر وأتمنى من كل زوج وزوجة أن يعاملا بعضهما بكل حب واحترام وأتمنى ألا يكون هناك طلاق ولا عقوق ولا تفكك أسري ولا قضايا في المحاكم وأن تسود المحبة بين أفراد المجتمع جميعا فالحياة رحلة قصيرة لا تستحق كل هذا التشاحن.
ما نصيحتك لمن يريد تحقيق النجاح؟
من أراد النجاح فعليه أن يبذل كل ما هو مطلوب لتحقيق ذلك وأن يكون منظما في حياته ولا يهاب الصعاب ولا يخشى الفشل ويواجه المعوقات ومن يتعب لابد أن يصل ولا نجاح بغير بذل وعطاء.
ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي بتكريم العالم الكبير والمربي الفاضل لتتبلور بعد ذلك فكرة إنشاء مركز علوم الفلك والأرصاد الجوية بالنادي العلمي في مقره الجديد بمنطقة مشرف ليتحقق حلم العجيري.
قصص كثيرة
كان لقائي مع العم صالح العجيري عند الساعة الخامسة مساء، وما ان انتهى اللقاء حتى التقيته من جديد في ديوان البرجس وهناك سمعنا الكثير من قصص العم صالح، الذي ندعو الله أن يبلغه طول العمر على الخير والعافية حتى نسمع منه الكثير.
الحب بالحب
لفت انتباهي أثناء حواري مع العم صالح كثرة الدروع التذكارية والشهادات التقديرية والتي بلا شك هي حصاد هذا المشوار الطويل فلم يعرف عن العم صالح اعتذاره عن محاضرة أو ندوة، وظل دائما يحرص على التواصل مع جميع شرائح المجتمع لاسيما أبناؤه الطلبة الذين كما أحبهم قد أحبوه وبادلوه هذه المشاعر الصادقة بهذه الدروع الحاضرة.
حنين إلى الماضي
كانت وقفة معبرة عندما تحدث العم صالح العجيري عن تلك الأيام الجميلة في ديوانية ياسين الغربللي، حيث تغيرت نبرة صوته فجأة وتنفس الصعداء، وقال بكل عفوية كلما مررت بجانب المكان القديم لديوان ياسين الغربللي شعرت بالحنين وأتمنى لو ذهب وقبلت الجدار لأنها أيام جميلة.
سعة صدر
خلال اللقاء، حكى لي العم د.صالح العجيري عن أغرب اتصال تلقاه، حيث اتصل به رجل في ساعة متأخرة من الليل ليسأله عن كمية المطر التي تطفئ النار؟ العم صالح لم ينفعل وكل ما فعله هو إجابته على السؤال لأنه تعود على ألا يغضب وأن يكون واسع الصدر وهذا ما يحتاجه العالم اليوم.. سعة الصدر وتحمل الآخرين.
المركز الفلكي
في أوائل السبعينيات بدأ د.صالح العجيري في إنشاء مركزه الفلكي على نفقته الخاصة، حيث اشترى قسيمة أرض مساحتها 1000 متر مربع في منطقة الأندلس وبدأ في بناء المركز وفي عام 1973 توجه إلى الولايات المتحدة الأميركية لشراء القبة الخاصة بالمرصد، كما قام بشراء تلسكوب وبعض الأجهزة الفلكية اللازمة للمركز، وبعد ذلك توجه إلى المملكة المتحدة وقام بشراء مقياس للضغط الجوي وآخر للمطر ومقياس للرطوبة، وسرعة الرياح وغير ذلك من الأجهزة، وفي عام 1980 قام سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد بتكليف النادي العلمي
تاريخ رزنامة العجيري
رزنامة العجيري من الأشياء البارزة في تاريخ الكويت ففي عام 1938 أعطى والد العم صالح هذه الرزنامة للشيخ أحمد الجابر لتطبع في مصر، إلا أن نشوب الحرب العالمية الثانية حال دون ذلك وبعدها رأت الرزنامة النور ولاتزال حتى هذه اللحظة.