النجدة الإلهية ولله الحمد والمنة جاءت بارتفاع نسبة التغيير في الانتخابات الأخيرة لمجلس الأمة، والتي وصلت إلى 62%، وهذا يعني تجدد الدماء، وهو أمر صحي للمجلس الذي عانى منذ عقد من الزمان من كثرة التصادم بين السلطتين، وانتهى ذلك بتأخر التنمية والتعليم والخطط العمرانية والقوانين التي تخدم الكويت وأهلها، وعليه ظهر الفساد في أرض الكويت بكل ألوانه وأبعاده، وألقى بظلاله على جميع فئات الشعب فالشاب الكويتي أصبح عليه أن ينتظر دوره في التوظيف لمدة سنتين أو يتوجه إلى القطاع الخاص، والمتقاعد أصبح لا يستطيع أن يجمع أسر أحفاده ويعزمهم على غداء الزبيدي كل أسبوع لأن راتبه التقاعدي ما عاد يكفي والثروة السمكية بدأت في الانحسار بسبب الفساد الذي ظهر في البحر متمثلا في دمار البيئة البحرية بسبب التجاوزات البيئية على الحياة البحرية، وأصبح كيلو الزبيدي الكويتي يعادل أكثر من نصف قيمة غرام من الذهب، ومزارع الأمن الغذائي كانت فكرة رائعة ثم أفرغت بسبب الفساد من محتواها فأصبحت في خبر كان.
من ناحية أخرى، ارتفعت نسبة الطلاق بشكل كبير مقارنة بنسب الزواج نتيجة الفساد الذي أدى إلى غلاء الإيجارات والأراضي وقسائم السكن الخاص من دون مبرر، الأمر الذي انعكس بدوره سلبا على أمن واستقرار الأسرة الكويتية التي حتى الآن لم يولد برنامج حماية لها من قبل الحكومة، أو ان هذه الأسر ستقدم أجيالا من المشافيح الجدد (مفردها مشفوح وتعني: المفرط في السلب والنهب) الذين سوف يسيرون على نهج المشافيح الحاليين غير القادرين على تولي مسؤوليات الدولة بشكل صحيح باستثناء إدارتهم العبقرية للفساد الحالي.
أما المعرفة والثقافة لدى المراهق الكويتي فقد اقتصرت على الألعاب الإلكترونية بسبب الفساد في منظومة التعليم الحكومي المحارب بالباطن من قبل التعليم الأزرق والمملوك من قبل أصحاب الدماء الزرقاء الذين ينطلقون من مبدأ «أنا وليهلك الجميع».
والأم المثالية في السابق انتهى الأمر بها إلى التعلق بوسائل التواصل الاجتماعي للهروب من واقعها المثقل بمتطلبات الحياة الحالية المتجددة ذات الكلفة العالية.
ونتيجة لهذا كله جاءت الأمراض النفسية وبدأت تطرق أبواب المجتمع الكويتي الذي فقد مدينته الترفيهية وحديقة الشعب وخسر شواطئ البحر بسبب كثافة الوافدين، فهرب الكويتيون إلى البر ومنعوا من التخييم بسبب كورونا ثم لجأوا إلى استئجار الجواخير والشاليهات بأسعار خيالية، والتي لا يستطيع رب الأسرة المثقل بالقروض أن يتحمل تكاليف استئجارها، أما هيئة الزراعة فهي نائمة بالعسل.
ولا ننسى ظاهرة الانتحار التي بدأت تظهر بالكويت في ظل هذا الفساد المقيت. ولا ننسى أيضا دور الحكومة المشرف في الاعتراف بظهور هذا النوع من الأمراض من خلال فتح عيادات نفسية في المستوصفات لعلاج الأمراض النفسية التي تفشت في المجتمع الكويتي بسبب إغلاق كل منافذ الترفيه في وجه المواطن، وهذه الأمراض ما هي إلا مولود غير شرعي لغول الفساد الذي تعاني منه الكويت الآن، وهو إحدى النتائج السلبية لضعف التعاون بين السلطتين، وهذا الضعف ناجم عن قلة التفاهم في قبة عبدالله السالم وطبعا ستستمر هذه الحالة لوجود الفئة القوية الفاسدة التي قدمت مصلحتها الشخصية على مصلحة الكويت، لذلك لابد من حل جذري نستطيع من خلاله احتواء كل هذا الفساد وقلبه إلا إصلاح دائم ومتجدد من خلال التعاون البناء لحماية هذا الوطن الجميل من الضياع، هذا الوطن الذي حافظ عليه آباؤنا وأجدادنا، هذا الوطن الذي بكينا عليه عندما احتل من قبل قوات الظلام، وهو نفسه الوطن الذي أبكانا فرحا بتحريره وعودته إلينا.. إنه وطننا الكويت الذي أمتعنا بأمنه وخيراته طوال هذه السنين. حافظوا على وطننا لأنه الملاذ الآمن للجميع، أو احجزوا لكم موقعا في مخيمات اللاجئين المستقبلية.