من مفارقات جائحة كورونا، أنها لمّعت صورة التكنولوجيا فيما يتعلق بالتواصل المباشر بين الناس، والتي عادة ما نتهمها بالإساءة إلى العلاقات الاجتماعية.
أما اليوم، وفي ظل الحجر الصحي الذي فرضته الجائحة، فقد أثبتت التكنولوجيا نجاعتها كوسيلة للتواصل الاجتماعي والعمل والدراسة. فقد ساعدت على فك عزلة الملايين من الناس حول العالم في فترة الحجر الصحي.
بفضل التكنولوجيا، أصبحت إجراءات العزل الصحي نوعا من الرفاهية مع سهولة العمل من المنزل وممارسة الرياضة من خلال التطبيقات والقيام بالتشخيص الطبي عن بعد، بالإضافة إلى الترفيه.
وهنا تكمن المفارقة، حيث خرجت التكنولوجيا من دائرة الاتهام والانتقاد وأصبحت ملاذا نشعر فيه بالأمان في زمن الجائحة.
وفي الدول المتقدمة، على غرار الصين واليابان وكوريا الشمالية، شهدت الخدمات المقدمة عن طريق الحوسبة السحابية ارتفاعا غير مسبوق خلال الأشهر الأخيرة.
كما ساعدت كورونا في تعزيز العالم الافتراضي. وعلى الرغم من أن التكلفة الحالية لتقنية الواقع الافتراضي تحول دون وصولها إلى كل المنازل، إلا أن الاستخدامات الحالية الناجمة عن جائحة كورونا ستسهم في زيادة الاستثمار في هذه التقنية.
هذا بالإضافة إلى الإقبال الكبير على البت التدفقي من ألعاب وموسيقى وأفلام ومنصات تواصل اجتماعي وغيرها، ونلاحظ هذا من خلال بعض الممارسات الجديدة، ففي الصين وإيطاليا صور لمئات الأشخاص الذين لا يستطيعون الخروج من منازلهم يدخلون في وقت متزامن للمشاركة في حفلات رقص وسهرات افتراضية.
ومن جهة أخرى، أصبحت حصص الرياضة المباشرة عبر الشاشات محط أنظار الآلاف من الناس وقد تلجأ النوادي إلى بث برامجها للحفاظ على استمراريتها.
كما شهدت التجارة الالكترونية نموا صاروخيا خلال فترة كورونا، وقد يعتاد الناس على عمليات التوصيل المنزلي.
وبهذا يمكننا القول إن التكنولوجيات التي تعزز الترابط الاجتماعي وتسهل حياتنا ستخرج منتصرة من هذه الجائحة، لأن الإنسان اجتماعي بطبعه ويرفض العزلة حتى في أشد المحن.
سعد هيف الحجرف - جامعة البحرين
قسم الإعلام والسياحة والفنون