من مدينة «أور» العراقية، حض بابا الڤاتيكان فرنسيس على الانتقال من «الصراع إلى الوحدة»، طالبا «السلام لكل الشرق الأوسط»، وللمرة الثانية ذكر «بشكل خاص سورية المجاورة المعذبة».
ودعا في اليوم الثاني من زيارته البابوية التاريخية للعراق التي تخللتها محطات رمزية قادته للقاء المرجع الأعلى للشيعة في العراق السيد علي السيستاني وإلى مدينة أور التاريخية التي يعتقد أنها مهد نبي الله إبراهيم گ، إلى «احترام حرية الضمير والحرية الدينية والاعتراف بها في كل مكان»، خلال «الصلاة» في أور.
وأضاف «إنها حقوق أساسية، لأنها تجعل الإنسان حراً للتأمل في السماء التي خلق لها»، وذلك قبل عودته إلى بغداد لرئاسة القداس في كاتدرائية القديس يوسف الكلدانية، مساء أمس.
وللمرة الأولى، أحيا الحبر الأعظم قداسا بالطقس الشرقي الكلداني، وتتخلله صلوات وتراتيل باللغتين العربية والآرامية. وذكرت الوكالة الوطنية العراقية للأنباء أن الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس تحالف (عراقيون) عمار الحكيم وعدد من المسؤولين حضروا القداس أيضا.
وقبل ذلك قال البابا فرنسيس في أور «من هذا المكان حيث ولد الإيمان.. من أرض أبينا إبراهيم دعونا نؤكد أن الله رحيم، وأن أعظم كفر هو تدنيس اسمه بكراهية إخوتنا وأخواتنا».
وبينما كانت رياح الصحراء تعبث بردائه الأبيض، تحدث فرنسيس أثناء جلوسه مع زعماء مسلمين ومسيحيين ويزيديين حيث ظهر على مرمى البصر موقع الحفريات الأثرية للمدينة البالغ عمرها أربعة آلاف عام والتي تضم بناءً هرمي الشكل يعرف باسم زقورة ومجمعاً سكنياً ومعابد وقصوراً.
وقال البابا في خطابه الذي سبق صلاة مع ممثلين عن الشيعة والسنة والأيزيديين والصابئة والكاكائيين والزرداشتيين «لا يصدر العداء والتطرف والعنف من نفس متدينة بل هذه خيانة للدين.. نحن المؤمنين لا يمكن أن نصمت عندما يسيء الإرهاب للدين بل واجب علينا إزالة سوء الفهم»، في إشارة على ما يبدو إلى تنظيم داعش ومحاولته إقامة دولة على مساحات شاسعة من الأراضي التي سيطر عليها في العراق وسورية بين عامي 2014 إلى 2017 ونفذ عمليات قتل للمسيحيين والمسلمين الذين عارضوه. وأشاد البابا بالشباب المسلم لمساعدته المسيحيين في إصلاح كنائسهم «عندما اجتاح الإرهاب شمال هذا البلد الحبيب».
بدوره، شكر رفح حسين باهر، وهو عضو في الديانة الصابئة المندائية القديمة الصغيرة، البابا على القيام بالرحلة رغم المشاكل العديدة في البلاد والتي تشمل ارتفاع حالات الإصابة بڤيروس كورونا وموجة الهجمات الصاروخية التي سبقت الزيارة. وقال «زيارتكم تعني انتصار الفضيلة، وهي رمز تقدير للعراقيين، طوبى لمن اقتلع الخوف من النفوس».
ويتوجه البابا اليوم إلى الموصل المعقل السابق لداعش حيث لا تزال الكنائس والمساجد والمباني الأخرى هناك تحمل ندوب الصراع.
وكان البابا استهل اليوم الثاني من زيارته التاريخية إلى العراق أمس، بعقد اجتماع تاريخي هو الأول بين بابا للڤاتيكان مع المرجع الديني الأعلى للشيعة في العراق آية الله العظمى علي السيستاني، حيث أدان أعمال العنف باسم الدين والتي وصفها بأنها «أكبر كفر».
وجاء في بيان صدر عن الڤاتيكان حول الزيارة أن «البابا فرنسيس بحث مع السيستاني التعاون بين جميع الديانات والحوار من أجل خير العراق وخير المنطقة».
وبعد الاجتماع، أكد السيستاني ضرورة أن يعيش المسيحيون مثل كل العراقيين في سلام وتعايش، مشددا على ضرورة أن يتمتع المسيحيون «بكامل حقوقهم الدستورية».
وقال السيستاني في بيان إنه أشار إلى «الدور الذي ينبغي أن تقوم به الزعامات الدينية والروحية الكبيرة في الحد من هذه المآسي، وما هو المؤمل منها من حث الأطراف المعنية، ولاسيما في القوى العظمى، على تغليب جانب العقل والحكمة ونبذ لغة الحرب وعدم التوسع في رعاية مصالحهم الذاتية على حساب حقوق الشعوب في العيش بحرية وكرامة».
العراق يعتمد 6 مارس يوماً وطنياً للتسامح تكريماً للقاء بابا الفاتيكان والسيستاني
بغداد - كونا: أعلنت الحكومة العراقية أمس، اعتماد السادس من مارس من كل عام يوما وطنيا للتسامح والتعايش في العراق بمناسبة زيارة بابا الڤاتيكان فرانسيس.
وقال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن اعتماد هذا اليوم جاء احتفاء باللقاء التاريخي بين المرجع الديني علي السيستاني وبابا الڤاتيكان فرانسيس الأول وبلقاء الأديان في مدينة أور التاريخية.
وزار البابا أمس السيستاني في منزل الأخير بالمدينة القديمة في النجف في أول لقاء من نوعه.