أنشئ ديوان المحاسبة بمقتضى القانون رقم (30) لسنة 1964 وتعديلاته ليستهدف الرقابة المالية الفعالة على الأموال العامة، ويمارس الديوان اختصاصاته وفقا لأحكام هذا القانون على الجهات المشمولة برقابته، حيث يمارس الديوان رقابته بوجه عام على الإيرادات والمصروفات والأنظمة المالية المختلفة على النحو الموضح بأحكام القانون ذات الصلة.
كما يختص الديوان أيضا بالتحقق من مدى التزام الجهات المشمولة برقابته بالتشريعات المنظمة لشؤون التوظف فيها، وما يتعلق بها من قرارات التعيين والترقيات ومنح البدلات والعلاوات، وكل ما يتعلق بالشؤون المالية الوظيفية.
وحيث إن ديوان المحاسبة يعتبر من ضمن الوحدات الإدارية الحكومية، فهو أيضا معني بالالتزام بالتشريعات المنظمة للشؤون المالية وشؤون التوظف المقررة بالدولة، ما لم ينص قانون إنشائه على غير ذلك.
وسنركز في سلسلة هذه المقالات على مدى التزام ديوان المحاسبة فيما يتعلق بشؤون التوظف الخاصة به، وذلك نظرا للأثر المادي على انعكاسات القرارات الإدارية المتعلقة بشئون التوظف، خاصة أن شرارة إقرار الكوادر المالية للموظفين بالدولة انطلقت منذ بداية إقرار كادر مالي خاص للعاملين بديوان المحاسبة، ومن ثم تلا ذلك إقرار كوادر مالية للعديد من الجهات الحكومية على غرار كادر ديوان المحاسبة.
والتساؤل المطروح هنا: هل ديوان المحاسبة يملك من السلطة التي تخوله في إقرار مثل تلك المزايا النقدية والعينية لموظفيه؟ وللإجابة عن مثل هذا التساؤل يستلزم ضرورة التمعن في التشريعات المنظمة لعمل الديوان في هذه المسألة للوصول إلى إجابة موضوعية لهذا التساؤل المستحق.
فقد حددت المادة (3) من قانون إنشاء ديوان المحاسبة تشكيل الديوان، حيث يشكل من رئيس ووكيل ووكيل مساعد، وعدد كاف من الموظفين الفنيين، كما أجازت المادة تعيين نائب للرئيس وتعيين أكثر من وكيل ووكيل مساعد للديوان تبعا لحاجة العمل ومقتضياته، وأن يلحق بالديوان العدد اللازم من الموظفين غير الفنيين.
وتناولت المادة (34) من القانون آلية تعيين رئيس الديوان بحيث يعين بمرسوم أميري بناء على ترشيح رئيس مجلس الأمة، وإقرار المجلس لهذا الترشيح في جلسة سرية وبعد موافقة مجلس الوزراء، ويعامل الرئيس معاملة الوزير من حيث المرتب والمعاش وسائر البدلات والمزايا المالية ومن حيث نظام الاتهام والمحاكمة، ولا يجوز عزله إلا بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة أو بقرار من السلطة التأديبية المختصة، وعليه بينت المادة بشكل واضح كيفية التعامل مع الاستحقاقات المالية الوظيفية المتعلقة برئيس الديوان.
كما تناولت المادة (37) آلية تعيين نائب لرئيس الديوان ومعاملته الوظيفية، وهي ذات الآلية المتعلقة بتعيين رئيس الديوان، كما يعامل النائب معاملة موظف الدرجة الممتازة (ب) من حيث المرتب والمعاش والمزايا المالية الأخرى، وعليه بينت المادة بشكل واضح كيفية التعامل مع الاستحقاقات المالية الوظيفية المتعلقة بنائب رئيس الديوان.
أما فيما يتعلق بالوظائف القيادية الأخرى فتناولت المادة (38) آلية تعيين كل من وكيل الديوان والوكيل المساعد وذلك بمرسوم أميري بناء على ترشيح رئيس الديوان وبموافقة رئيس مجلس الأمة ومجلس الوزراء، ويعامل الوكيل معاملة وكيل الوزارة، والوكيل المساعد معاملة وكيل الوزارة المساعد وذلك من حيث المرتب والمعاش وسائر البدلات والمزايا المالية، وعليه فقد بينت المادة بشكل واضح أيضا كيفية التعامل مع الاستحقاقات المالية الوظيفية المتعلقة بوكيل الديوان والوكيل المساعد.
وبخلاف الوظائف القيادية فإن باقي وظائف الديوان تدرج ضمن ميزانيته، وفق بيان يحدد به عدد الوظائف اللازمة له وأنواعها ودرجاتها ومرتباتها بكافة حلقات الوظائف المنصوص عليها في جداول الدرجات والمرتبات الملحقة بقانون الوظائف العامة المدنية وفقا لما وضحته المادة (34) من القانون، أي أنه تسري على وظائف الديوان أحكام القانون العام المنظم للوظائف العامة في ذلك الوقت.
ثم جاءت المادة (50) من القانون لكي تحدد سريان كل القواعد والأحكام المقررة في شأنه بقانون الوظائف العامة المدنية على موظفي ومستخدمي الديوان فيما لم يرد عنه نص خاص في قانون إنشاء الديوان.
وبناء على ما سبق يتبين ما هو الإطار القانوني الذي ينظم قواعد تعيين رئيس ديوان المحاسبة وقياديي الديوان وسائر موظفيه الفنيين وغيرهم من الموظفين، وتحديد استحقاقاتهم المالية الوظيفية وفقا لهذا الإطار.
baderalhammad.com