القاهرة - ناهد إمام
أكد وزير المالية المصري د.محمد معيط، أن الدولة تستهدف تحفيز بيئة الاستثمار وتشجيع المستثمرين على توسيع دوائر أعمالهم، ومشروعاتهم الإنتاجية في مصر التي تنتهج مسارا تنمويا شاملا مدعوما بإرادة سياسية قوية، على نحو يسهم في تعظيم مشاركات القطاع الخاص في عملية التنمية، ورفع نسبة مساهماته في النشاط الاقتصادي من 30% إلى 50% خلال السنوات الـ 3 المقبلة.
جاء ذلك خلال مشاركة وزير المالية في حوار مفتوح مع رموز مجتمع الأعمال وشركاء التنمية خلال المؤتمر الذي نظمته جمعية رجال الأعمال المصريين بحضور د.إيهاب أبوعيش نائب الوزير للخزانة، وأحمد كجوك نائب الوزير للسياسات المالية، ود.منى ناصر مساعد الوزير للمتابعة وتطوير الجمارك، ورضا عبدالقادر رئيس مصلحة الضرائب، والشحات غتوري رئيس مصلحة الجمارك، وأنور فوزي رئيس مصلحة الضرائب العقارية.
وأشار إلى أنه سيتم التوسع في برنامج الطروحات للشركات بالبورصة خلال الأشهر المقبلة، لتوسيع قاعدة ملكية هذه الشركات، وإتاحة المزيد من الفرص للقطاع الخاص للمشاركة فيها وفي مجالات أنشطتها، خاصة بعد النجاح الذي حظي به مؤخرا طرح 26% من شركة «إي. فاينانس».
وأضاف معيط ان الوزارة جاهزة لتنفيذ أي برامج تحفيزية داعمة للصناعة، تساعد في توطين أحدث الخبرات والمعارف التكنولوجية، وتعظيم قدراتنا الإنتاجية، وتوسيع القاعدة التصديرية، وزيادة القوة التنافسية للمنتجات المصرية بالأسواق العالمية، على نحو يؤدي إلى تعزيز بنية الاقتصاد الكلي، وخلق ملايين فرص العمل.
وقال الوزير إن الإصلاحات الاقتصادية جعلت الاقتصاد المصري أكثر قدرة على احتواء تداعيات أزمة الأسواق الناشئة وجائحة كورونا، وأزمة نقص الإمدادات العالمية وارتفاع تكاليف الشحن، وقد بلغ معدل النمو الاقتصادي العام المالي الماضي 3.3% من الناتج الإجمالي المحلي، وانخفض العجز الكلي إلى 7.4% من الناتج المحلي وتم تحقيق فائض أولي 1.46%.
وأوضح ان مصر كانت من أفضل الدول في خفض معدل الدين للناتج المحلي بنسبة 20% خلال السنوات الـ 3 قبل «الجائحة»، حيث تراجع معدل الدين من 108% في العام 2016-2017 إلى 87.5% بنهاية العام المالي 2019-2020، لافتا إلى ارتفاع متوسط المديونية العالمية للدول الناشئة إلى 17% والدول الكبرى إلى 20% خلال «الجائحة»، بينما شهدت نسبة الدين للناتج المحلي لمصر زيادة طفيفة رغم السياسات التنموية غير المسبوقة التي تتبناها مصر، حيث بلغ معدل الدين نحو 91% بنهاية العام المالي 2020-2021، وهو معدل يقل عن المسجل لبعض الدول الأوروبية.
وأوضح أن الحكومة تسعى إلى تبني استراتيجية متوسطة المدى، من أجل الحفاظ على المسار النزولي لخدمة الدين التي تراجعت من 40% من إجمالي الموازنة بنهاية 2020 إلى 36% في يونيو 2021، ونستهدف 32% من إجمالي الموازنة خلال موازنة العام المالي الحالي.
وقال الوزير، إنه استجابة لرغبات مجتمع الأعمال تم أول الشهر الجاري إطلاق مرحلة رابعة لمبادرة «السداد النقدي الفوري» للمستحقات المتأخرة من دعم المصدرين لدى صندوق تنمية الصادرات، موضحا أن أكثر من 2500 شركة مصدرة صرفت نحو 30 مليار جنيه، خلال عام ونصف العام منذ بدء تنفيذ مبادرات رد المستحقات المتأخرة للمصدرين حتى الآن، على النحو الذي يسهم في توفير السيولة النقدية اللازمة لاستمرار عجلة الإنتاج.
وأشار إلى أنه تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية، سيكون لدينا بنهاية يونيو المقبل، وجه اقتصادي جديد لمصر، حيث سيتم الانتهاء من كل مشروعات تطوير وميكنة منظومتي الضرائب والجمارك، وتحقيق التكامل الإلكتروني بينهما، والاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في تعزيز الحوكمة، وميكنة كل الإجراءات الضريبية، على نحو يسهم في دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي والتيسير على مجتمع الأعمال وسرعة الفحص الضريبي، ورد ضريبة القيمة المضافة، والتحول إلى الاقتصاد الرقمي.
وقال إن الحملات الميدانية التي أطلقتها مصلحة الضرائب خلال الثلاث سنوات الماضية كشفت أن حجم الاقتصاد غير الرسمي قد يصل إلى نحو 55% وهي نسبة عدد غير المسجلين ضريبيا في العينة العشوائية التي شملتها هذه الحملات الميدانية.
وأكد الوزير، أن الأنظمة الإلكترونية التي تم استحداثها خلال الفترة الماضية سواء في إدارة المالية العامة للدولة أو في منظومتي الضرائب والجمارك، تؤتي ثمارها في تعزيز الحوكمة المالية للدولة، على نحو يساعد في تحقيق المستهدفات الاقتصادية وتلبية الاحتياجات التنموية للمواطنين، موضحا أنه بميكنة الموازنة العامة للدولة: إعدادا وتنفيذا ورقابة، وبتطبيق نظام إدارة شبكة المعلومات المالية الحكومية «GFMIS» أصبحنا أكثر قدرة على رفع كفاءة الإنفاق العام، والتعامل المرن مع التحديات وقد تجلي ذلك خلال أزمة «كورونا»، واستطعنا بمشروعات رقمنة الضرائب المضي قدما في توسيع القاعدة الضريبية، وتحقيق العدالة الضريبية وزيادة الإيرادات الضريبية بنسبة 15% في العام المالي الماضي رغم تداعيات «الجائحة»، ودون فرض أي أعباء جديدة على المواطنين.
وأضاف الوزير، ان مصر استطاعت أن تقدم نموذجا رائدا في تطبيق منظومة «الفاتورة الإلكترونية»، حيث انضم إليها حتى الآن أكثر من 5 آلاف شركة يرفعون أكثر من نصف مليون وثيقة إلكترونيا يوميا، تتجاوز مليون وثيقة يوميا في مارس المقبل، لافتا إلى أن منظومة «الفاتورة الإلكترونية» نجحت في كشف أكثر من 3000 حالة تهرب ضريبي، وتم تحصيل فروق ضريبية من مستحقات الخزانة تقترب قيمتها من 4 مليارات جنيه.
وأشار إلى أنه سيتم أول أبريل المقبل، بدء التطبيق الفعلي لمنظومة الإيصال الإلكتروني في منافذ البيع والشراء وتقديم الخدمات، من خلال التوظيف الأمثل للحلول التكنولوجية في متابعة التعاملات التجارية بين الممولين والمستهلكين لحظيا، على نحو يسهم في تعظيم جهود دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي.
وأوضح ان التجربة المصرية في تنفيذ منظومة التسجيل المسبق للشحنات بالموانئ البحرية «ACI»، باتت حديث العالم، وتصدرت مانشيتات كبرى الصحف الدولية، حيث صدر التكليف الرئاسي في أغسطس 2020، وبدأ التشغيل التجريبي في أبريل 2021، والتطبيق الإلزامي في أكتوبر الماضي، بينما أعلن الاتحاد الأوروبي تطبيق مثل هذه المنظومة في 2024، مشيرا إلى أنه لا يتم السماح بدخول أى بضائع يتم شحنها من الخارج إلى الموانئ البحرية المصرية إلا عبر نظام «ACI»، ومن ثم نتخلص نهائيا من ظاهرة البضائع المهملة والراكدة، والمستورد «الكاحول» مجهول الهوية.
وأشار إلى أننا قطعنا شوطا كبيرا في تطوير وميكنة المنظومة الجمركية وفقا للمعايير الدولية، وتبسيط الإجراءات على نحو يسهم في تحفيز الاستثمار، وأننا ماضون في تنفيذ التكليفات الرئاسية بتقليص زمن الإفراج الجمركي لأقل من يوم، بحيث تكون الموانئ المصرية بوابات عبور وليست أماكن لتخزين البضائع.
وقال إن تطبيق المنصة الإلكترونية الموحدة «نافذة» بالمنافذ الجمركية أسهم في تقليص زمن الإفراج الجمركي لأقل من 3 أيام، حيث يمكن إنهاء إجراءات الإفراج الجمركي قبل وصول البضائع.
من جانبه، أعرب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين علي عيسى، عن تقديره لحرص د.محمد معيط وزير المالية على إدارة منصات حوارية مستدامة مع مجتمع الأعمال في مختلف الملفات المالية والضريبية والجمركية، والاستماع إلى مقترحاتهم، باعتبارهم شركاء التنمية، والسعي الجاد والفوري لدعمهم، على نحو يسهم في تحفيز بيئة الاستثمار، موضحا ان مجتمع الأعمال المصري يشعر بالفخر والاعتزاز بما يتحقق من إنجازات غير مسبوقة في تحديث وميكنة منظومتي الضرائب والجمارك.
وقال طارق توفيق رئيس غرفة التجارة الأميركية بالقاهرة، إننا وجدنا تجاوبا مشكورا من وزارة المالية في التعامل السريع والمرن مع ما تعرضنا له من تحديات في تطبيق منظومة التسجيل المسبق للشحنات «ACI» يحمل دلالات مهمة بقناعة حقيقية لدى الوزارة بأن مجتمع الأعمال هم «شركاء النجاح» في تطبيق أي منظومة إلكترونية متطورة، لافتا إلى أن المسؤولين بوزارة المالية استطاعوا حل المشاكل التي واجهتنا، واحدة تلو الأخرى.
وأضاف ان هناك اهتماما متزايدا من المستثمرين بالولايات المتحدة الأميركية بدراسة فرص الاستثمار في مصر في ظل ما لمسوه من إصلاحات وسياسات خلقت بيئة محفزة للأعمال وخلق قطاعات تنموية جاذبة للاستثمار.
وأشار مجد الدين المنزلاوي رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال المصريين، إلى أن مجتمع الأعمال يتفهم بمسؤولية وطنية أي تحديات طبيعية قد تواجهه عند بدء تطبيق الأنظمة الإلكترونية الجديدة، خاصة أننا نرى كل يوم انطلاقة قوية نحو دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي من خلال ميكنة منظومتي الضرائب والجمارك، بما يسهم في التيسير علينا وتحقيق العدالة الضريبية، على نحو يستوجب توجيه الشكر والتقدير إلى د.محمد معيط وزير المالية على ما يبذله من جهود كبيرة تحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع، معربا عن تطلعه إلى المزيد من البرامج التحفيزية لقطاع الصناعة في مصر، لتعميق الإنتاج المحلي.
وأعرب عبدالحميد الدمرداش، رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، عن الشكر والتقدير لوزير المالية على إدارة هذه المنصة الحوارية وحرصه على لاستماع إلى مجتمع الأعمال، والتعرف عن قرب على التحديات التي تواجههم، ومقترحاتهم التي تتسق مع ما تشهده المنظومتان الضريبية والجمركية من تطوير شامل ومتكامل وإنجاز غير مسبوق بكل المقاييس، معربا عن تطلعه إلى المزيد من التعامل المرن في صادرات الحاصلات الزراعية التي تتعرض للتلف.
من جانبه، أكد مهند طه خالد رئيس لجنة المالية بجمعية رجال الأعمال المصريين، أن مشروعات التحول الرقمي والميكنة في الضرائب والجمارك أثرت إيجابيا على تصنيف مصر كوجهة جاذبة للاستثمار.
وأضاف م.خالد حمزة رئيس لجنة الاستيراد والجمارك بجمعية رجال الأعمال المصريين، أن نظام التسجيل المسبق للشحنات يعد نقلة كبيرة في مجال الجمارك، حيث ينهي العديد من المشكلات التي تواجه عملية دخول الشحنات للموانئ، ومنها سداد قيم مرتفعة ثمنا للأرضيات في انتظار الإفراج عن البضائع، ويسهم في تيسير حركة التجارة، لافتا إلى أهمية تحفيز الشركات على استخدام نظام الإفراج المسبق.