قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إن أسعار النفط وصلت في أكتوبر الماضي إلى مستويات لم تشهدها منذ عام 2014 في ظل تزايد حدة تشديد أوضاع السوق، إذ تجاوز سعر مزيج خام برنت أعلى مستوياته المسجلة سابقا والبالغة 86.3 دولارا للبرميل في أكتوبر 2018 ليصل إلى 86.4 دولارا للبرميل، قبل أن يستقر عند مستوى 84.4 دولارا للبرميل بنهاية الشهر (+7.5%، +62.9% منذ بداية العام الحالي حتى تاريخه).
وبحلول 5 نوفمبر، كان قد تراجع سعر مزيج خام برنت إلى 82.7 دولارا للبرميل في ظل تقييم السوق لعزم إيران استئناف المفاوضات النووية المتوقفة وزيادة مخزونات الخام التجارية الأميركية للمرة الخامسة خلال أسابيع.
إلا ان اجتماع الأوپيك وحلفائها الذي عقد في 4 نوفمبر تصدر العناوين الرئيسية وساهم في تعزيز معنويات السوق بعد أن أقرت المجموعة جدولها الحالي لزيادة الإنتاج الشهري (+400 ألف برميل يوميا).
ولم تكف الولايات المتحدة ودول أخرى عن حث المجموعة على ضخ المزيد من النفط لإعادة التوازن إلى السوق التي أصبحت تعاني من شح الإمدادات بشكل متزايد في ظل نقص إمدادات الغاز الطبيعي الأمر الذي حظي بتغطية إعلامية موسعة.
نقص الإمدادات
وفي إطار تفسيره لقرار الأوپيك وحلفائها، صرح وزير النفط السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بأن هذا النقص في الإمدادات (الذي أدى إلى تحول ضغوط الطلب على الغاز إلى النفط) ونقص الاستثمارات هو القضية الحقيقية وليس السياسة النفطية للأوپيك وحلفائها.
إلا ان نمو المعروض النفطي للأوپيك وحلفائها لم يواكب جدولها الزمني الذي وضعته بسبب تقلص إنتاج العديد من الأعضاء، بما في ذلك أنغولا ونيجيريا. وفي واقع الأمر، ما يزال يتعين على الأوپيك تلبية حصتها الشهرية المقررة من الإنتاج هذا العام.
وكشفت التقديرات الأولية لشهر أكتوبر أن إنتاج الأوپيك انخفض عن المستوى المستهدف بمقدار 387 ألف برميل يوميا ليصل إجمالي الإنتاج إلى 23.4 مليون برميل يوميا. وقد تكون الأوپيك وحلفاؤها قد قللت من تقدير حصتها بمقدار 700 ألف برميل يوميا.
وينتاب المجموعة مخاوف تجاه تخمة الإمدادات، نظرا لأنها ترى إمكانية استدامة معدلات نمو الطلب التي شهدها النفط مؤخرا، وتشير التوقعات المستقبلية للأوپيك للربع الأول من عام 2022 إلى تخمة في إمدادات السوق بنحو 2 مليون برميل يوميا.
ولا ترغب السعودية بصفة خاصة في عكس مكاسب العرض تحسبا لضعف الطلب أكثر مما كان متوقعا، بالإضافة إلى ذلك، فإن إدارة سياسة الإنتاج الداخلية للمجموعة لتمكين المنتجين ذوي الطاقة الإنتاجية الزائدة، مثل الإمارات والعراق والسعودية، من تعويض تراجع إنتاج الأعضاء الآخرين تبدو معقدة للغاية وموضع جدل سياسي.
انتعاش الاستهلاك
يعتبر انخفاض مخزونات النفط العالمية الدليل الأكثر وضوحا على انتعاش استهلاك النفط. إذ تراجعت مخزونات النفط التجارية للدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى 2.85 مليار برميل بنهاية أغسطس، أي ما يكفي لتغطية 62.5 يوما من الطلب المستقبلي على النفط، وفقا لمنظمة الأوبك. وتراجعت المخزونات لأقل من متوسط الخمس سنوات (2016-2020) بنحو 183 مليون برميل، وهو ما يعد مؤشرا رئيسيا للأوپيك وحلفائها في تقييم جهود إعادة موازنة السوق. وتشير تقديرات توازن الطلب والعرض هذا الربع إلى استمرار سحب المخزونات بمعدلات إضافية، بنحو 0.5 مليون برميل يوميا، لتتباطأ وتيرة السحب مقابل السحب الهائل من المخزونات الذي شهده الربع الثالث من العام والذي بلغ 1.5 مليون برميل يوميا تقريبا على خلفية زيادة العرض من المنتجين من داخل وخارج مجموعة الأوپيك. وتمكن منتجو خام النفط الأميركي من عكس الخسائر الناجمة عن إعصار أيدا ووصل الإنتاج إلى 11.5 مليون برميل يوميا بنهاية أكتوبر (+200 ألف برميل يوميا في أكتوبر)، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.
التوقعات المستقبلية
تبدو توقعات عام 2022 مختلفة بشكل ملحوظ. واستنادا إلى تقديرات الطلب الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية وتقديرات العرض من خارج الأوپيك والزيادات المقررة لحصص إنتاج الأوبك وحلفائها، قد يصل الفائض إلى 1.3 مليون برميل يوميا في الربع الأول من عام 2022، على أن يشهد المزيد من النمو خلال العام (بمتوسط 3 ملايين برميل يوميا لعام 2022).
وقد تساهم زيادة إنتاج النفط الأميركي وعودة إنتاج النفط الإيراني إلى الأسواق (+1.3-1.5 مليون برميل يوميا) في التأثير سلبا على توازن السوق. ووافقت حكومة رئيسي مؤخرا على استئناف المفاوضات النووية في 29 نوفمبر بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة التي واجهت عقبات شديدة.
وقد يكون مستوى الطلب على النفط أيضا دون التوقعات إذا استمر فيروس كوفيد-19 في الضغط على الاقتصاد العالمي، وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يصل نمو الطلب على النفط إلى 3.3 ملايين برميل يوميا بالمتوسط في 2022، مقابل 5.5 ملايين برميل يوميا هذا العام. وفي ظل توافر تلك الديناميكيات في الأفق، فمن غير المرجح أن تتخلى الأوپيك وحلفاؤها عن حذرها.