أنهى معهد الكويت للأبحاث العلمية مؤخرا، وبالتعاون مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي والوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشروع دراسة لمعرفة تأثير التغيرات المناخية على نمو ووفرة الروبيان المحلي من نوع «أم نعيره».
وقالت رئيسة المشروع الباحثة في مركز أبحاث البيئة والعلوم الحياتية لمياء المسلم: إن الدراسة تختص بتحديد التأثير التفاعلي لتغيرات درجات الحرارة ودرجة الحموضة على نسبة الوفرة وتحول الغذاء في الروبيان المحلي من نوع «أم نعيره» خلال مراحل النمو المختلفة ابتداء من اليرقات وانتهاء بالروبيان البالغ.
وأوضحت المسلم أنه تم اختيار «أم نعيره» لإجراء هذه الدراسة نظرا للأهمية الاقتصادية لهذا النوع من الروبيان بالإضافة إلى أهمية اختيار كائن بحري ينتمي إلى البيئة المحلية بحيث تتم معرفة تأثير التغيرات المناخية المحلية المحتملة على هذا الكائن ومدى قدرته على التكيف والبقاء على قيد الحياة مع هذه التغيرات.
وذكرت أنه تم جمع أمهات الروبيان من المياه الإقليمية الكويتية خلال موسم التكاثر للحصول على البيوض ويرقات الروبيان بأعداد كافية لإجراء التجارب على كافة المراحل العمرية للروبيان، حيث أجريت تجارب الدراسة في مختبرات المعهد في نظام محكم محاكي للتغيرات المناخية المتوقعة في المستقبل وتمت تربية الروبيان خلال مراحل حياته المختلفة في أحواض زجاجية مع التحكم بدرجة حرارة الماء.
وأفادت بأن نتائج الدراسة بينت ارتفاع حرارة سطح المحيطات يمكن أن يكون له تأثير أكبر من تحمض المحيطات على مراحل الحياة المبكرة ليرقات الروبيان، إذ أظهرت يرقات الروبيان المعرضة لدرجات حرارة مرتفعة معدلات نمو متسارعة لتصل إلى أحجام الروبيان الأكبر سنا لكن مع انخفاض معدلات البقاء على قيد الحياة.
وقالت المسلم ان هذه اليرقات ستمر بعدة عمليات انسلاخ على مدى دورة حياتها مما يجعلها معرضة للخطر، موضحة ان نتائج الدراسة تشير إلى تأثيرات إضافية للتعرض المشترك لارتفاع درجة حرارة سطح المحيطات وتحمضها على نجاح فقس البيض والبقاء على قيد الحياة.
وأضافت ان الدراسة المنجزة متسقة تماما على طول دورة حياة الروبيان من نوع «أم نعيره» بأكملها حيث يشير معدل الوفيات المرتفع لليرقات عند درجة الحموضة المنخفضة ودرجة حرارة مياه مرتفعة إلى انهيار محتمل في هذا النوع من القشريات تحت ظروف زيادة تحمض المحيطات وارتفاع درجة حرارة سطح المحيطات في المستقبل ما يؤدي أيضا إلى تأثير بالغ يتمثل في انخفاض مخزون الروبيان في الخليج العربي بسبب الصيد الجائر أو نتيجة لانخفاض نمو اليرقات بسبب التغيرات المناخية.
من جانبه، قال د.سيف الدين إقبال الدين من مركز أبحاث البيئة والعلوم الحياتية: إن الخبراء يجرون قياسات منتظمة لمستويات درجة الحرارة ودرجة حموضة الماء وينظرون في الكيفية المحتملة لاستجابة الحياة البحرية لهذه التغيرات في العقود المقبلة.
واضاف ان الباحثين في المعهد يستخدمون العلوم النووية للتصدي للتحديات التي تواجه البيئة البحرية بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمواجهة تغير المناخ والنشاط الصناعي المتزايد.
وأوضح اقبال الدين أن التأثيرات المحتملة لتحمض المحيطات وارتفاع حرارتها تشمل التدهور أو الفقدان التام للحاضنات المهمة للكائنات البحرية مثل القاعيات العشبية البحرية والشعاب المرجانية، وان مياه الخليج العربي توفر مختبرا طبيعيا وبيئة مثالية لدراسة الطريقة التي قد تتكيف بها الحياة البحرية مع تغير المحيطات، مبينا أنه على الرغم من التقلبات الكبيرة في درجات الحرارة في مياه الخليج العربي من ثماني درجات مئوية إلى 36 درجة مئوية فإن الشعاب المرجانية تكيفت مع هذا التفاوت الكبير في درجات الحرارة ولاتزال على قيد الحياة لكنها اصبحت أكثر هشاشة بسبب تحمض المحيطات.