ذكر ديبلوماسيون أن الهدف الأميركي المعلن عند استئناف المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في 29 الجاري كان معرفة كيف يمكن للبلدين إحياء اتفاق 2015 النووي، لكن هدف واشنطن الخفي قد يكون كسب دعم الصين وروسيا للضغط على طهران إذا فشلت المحادثات.
ويقول ديبلوماسيون غربيون إن الوقت ينفد لإحياء الاتفاق، الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018، مثيرا غضب إيران واستياء بقية القوى الكبرى الأخرى في الاتفاق، وهي: بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا.
وبموجب الاتفاق، قلصت إيران من برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. ودفع قرار ترامب في عام 2018 بإعادة فرض العقوبات الأميركية القاسية طهران إلى البدء في انتهاك القيود المفروضة على البرنامج النووي بموجب الاتفاق.
وعملت الدول الأوروبية الـ 3 جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة لمحاولة العودة إلى الاتفاق، وكانت روسيا داعمة، لاسيما في الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة ومقرها ڤيينا والتي تراقب امتثال إيران المتراجع للاتفاق.
ومع ذلك، فقد قوضت الصين النفوذ الأميركي من خلال شراء النفط الإيراني، مما منح طهران شريان حياة اقتصاديا في انتهاك للعقوبات الأميركية.
وقال ديبلوماسيون إن إحدى طرق الضغط على إيران للعودة إلى الاتفاق الأصلي أو قبول ترتيب آخر، إذا لم يكن ذلك ممكنا، هو إقناع بكين وموسكو بأن طهران هي العقبة وليست واشنطن.
وقال ديبلوماسي غربي طلب عدم نشر اسمه «إنهم بحاجة إلى الصين وروسيا».
بينما ألقي اللوم على واشنطن في البداية في انسحاب ترامب من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات على إيران، قد تتحول المسؤولية تدريجيا إلى طهران مع سعى الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إحياء الاتفاق.
وعقد مسؤولون أميركيون وإيرانيون 6 جولات من المحادثات غير المباشرة في ڤيينا بين أبريل ويونيو 2021. وتبدأ جولة جديدة في 29 الجاري بعد توقف دام خمسة أشهر بسبب انتخاب الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي.
ويشعر الديبلوماسيون الأميركيون والأوروبيون بالإحباط بسبب ما يرون أنها مطالب إيران غير الواقعية، بما في ذلك ما وصفه أحدهم بأنه إصرار على إسقاط جميع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ عام 2017، بينما لا يعلقون آمالا كبرى على المحادثات.
وستكون محادثات ڤيينا المرتقبة فرصة لقياس ما إذا كانت إيران تريد إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 (الاتفاق النووي)، وإذا لم يحدث ذلك، فإن واشنطن ستحاول حشد دعم أكبر من الصين، وبدرجة أقل من روسيا للضغط على طهران.
وقال ديبلوماسي غربي ثان طلب عدم نشر اسمه «الروس شركاء أكثر نفعا من الصين». وأضاف ان أفضل طريقة للحصول على دعم الصين كانت عبر الديبلوماسية بدلا من معاقبة الشركات الصينية التي تشتري النفط الإيراني.
وقال هذا الديبلوماسي: «علينا أن نتحدث مع الصين وأن نكسب دعمها».
وناقش بايدن والرئيس الصيني شي جينبينغ كيفية «توحيد» مواقفهما قبل محادثات ڤيينا خلال قمتهما الافتراضية هذا الأسبوع.
وقال ديبلوماسي غربي ثالث إن القوى الكبرى تعتقد أنه كلما زاد تماسكها زادت فرص إعادة إيران إلى الاتفاق.
وأضاف الديبلوماسي ذاته: «يصبح الأمر أكثر أهمية عندما نصل إلى نقطة حاسمة في المناقشات»، في إشارة إلى الجولة المقبلة ويأمل الغرب في أن تخفض الصين من وارداتها النفطية في نهاية المطاف.
وأشار روبرت أينهورن المحلل بمعهد بروكنجز إلى أن واشنطن قد ترغب في إظهار أنها قطعت شوطا إضافيا لإحياء الاتفاق.
وقال أينهورن: «(الفكرة) هي أن تبذل جهدا حثيثا.. ولكن إذا لم ينجح ذلك، تتأكد من أن العالم يرى إيران على أنها سبب الفشل».
وقد يكون نقل المسؤولية إلى طهران مفيدا حتى لو خلصت واشنطن إلى أن الاتفاق الأصلي مات لكنها تحاول صياغة اتفاق آخر.
وشددت وزارة الخارجية الأميركية على انها ستواصل العمل بالديبلوماسية حتى لو لم يتم إنقاذ خطة العمل الشاملة المشتركة.
وقال مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه «نريد أن نقدم لإيران خيارا واضحا بشأن المضي قدما. هذا هو تركيزنا وليس التفكير فيمن يجب إلقاء اللوم عليه».
وقال: «نحن لسنا ساذجين لكي لا ندرك ما تحاول إيران القيام به من خلال بناء برنامجها النووي بينما تمضي المحادثات بوتيرة بطيئة. نحن نكيف موقفنا مع تصرفات إيران حتى ونحن نسعى، بحسن نية، لمحاولة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة».
وأضاف: «في مرحلة ما قد نستنتج مع شركائنا أن الأمر لم يعد يستحق إنقاذ خطة العمل الشاملة المشتركة. لم نصل إلى هذه المرحلة بعد. ولكن سيكون من الخطأ افتراض أن سياستنا ثابتة».