لا أحد يشك في الدور البناء الذي لعبته الأندية القديمة في حقبة الخمسينيات من القرن الماضي، ففي تلك الفترة لعبت هذه الأندية دورا كبيرا ومهما في تطوير الرياضة الكويتية وازدهرت الرياضة بشكل كبير وأصبح يشار إليها بالبنان. نعم.. لعب الشباب في تلك الفترة دورا حاسما في هذا التطور وخصوصا الذين درسوا في الخارج ودفعوا الرياضة الى الاشتراك في المحافل الرياضية الدولية.
وكانت الرياضة الكويتية قد منيت بانتكاسة قوية أوقفت كل نشاط لها في الكويت اثر كلمات سياسية بعيدة عن الرياضة ألقيت في المهرجان الخطابي، أقيم في ملعب ثانوية الشويخ احتفالا بالذكرى الأولى لقيام الوحدة بين مصر وسورية التي وقعت اتفاقيتها في 22/2/1958 حيث خرجت هذه الكلمات عن الإطار العام لسياسة الدولة في ذلك الوقت، ولذلك خشيت الحكومة من أن تتطور الأمور والأوضاع الأمنية إلى ما لا تحمد عقباه وأصدرت فورا قرارا بإغلاق جميع الأندية الرياضية، وذلك في مساء الأحد 22/2/1959 منعا لأي تجمع شبابي قد يحدث في هذه الأندية خصوصا أنها أهلية (غير حكومية)، وكانت الحكومة لا تعترف بوجودها حيث انها غير مرخصة وليس لها كيان قانوني.
هذه الأندية الأهلية كانت في المقابل تلقى الدعم من العديد من أفراد الأسرة الحاكمة، وكان الكثير من رؤساء الإدارات الحكومية - والذين يعادلون في وقتنا الحالي (الوزراء) شيوخا، وكانوا في الوقت نفسه رؤساء فخريين لهذه الأندية الأهلية، ومثال على ذلك أن الشيخ عبدالله المبارك الصباح (رحمه الله) الذي كان نائب حاكم الكويت كان رئيس الشرف في النادي الأهلي الرياضي وكانت صورته معلقة في مكاتب النادي الذي كان يقع خلف فندق الشيراتون القريب من دروازة الجهراء والذي أصبح اليوم معروفا باسم نادي الكويت الرياضي.
دوري المدارس المتوسطة
ومع صدور قرار إغلاق الأندية الرياضية لم يجد الشباب الرياضي مكانا يجتمع فيه غير الدواوين أو الجلوس في الدروب والأزقة أو التوجه الى البحر في أيام الصيف ولكن اتجهت أنظارهم الى متابعة وتشجيع مباريات دوري المدارس المتوسطة التي افتقدت الأندية الرياضية التي تنمي وتصقل مهارة اللاعبين الناشئين الذين لا تتجاوز أعمارهم (16-18) سنة، واشتهرت هذه الفرق المدرسية وأصبح لها العديد من المشجعين، ومن أشهرها فريق مدرسة عمر بن الخطاب، ومدرسة الشامية ومدرسة حولي وفريق كرة قدم في كل من مدرسة المتنبي ومدرسة الصديق ومدرسة صلاح الدين، وشكلت هذه المدارس ما يعرف بدوري المدارس الذي أصبح البديل عن دوري الأندية الرياضية. ولذلك كان المشجعون الرياضيون والمهتمون بالشأن الرياضي في ذلك الوقت يتابعون بكل شغف دوري المدارس ولم تعترض الحكومة على قيام دوري المدارس وسمحت في الوقت نفسه وبطريق غير مباشر بحضور المشجعين الرياضيين مباريات الدوري.
هذا الوضع يبين لنا أن الحكومة ما كانت تمانع في ممارسة الرياضة بكل أشكالها ولكنها في الوقت نفسه تمنع استئناف نشاط الأندية الرياضية وكان دوري المدارس هو الحل الوسط ولذلك سمحت الحكومة بأن تجري المباريات في الفترة المسائية وأن تكون ملاعب المدارس هي ملاعب دوري المدارس ووضعت في هذه الملاعب المدرجات الصغيرة جدا وتغاضت عن حضور الجمهور، كما قامت بتقديم الجوائز لفرق المدارس الفائزة وأصبح دوري المدارس هو الحل البديل الذي يمكن أن نقول عنه البديل الناجح بعض الشيء لدوري الأندية حتى تاريخ 22/10/1960 وهو اليوم الذي تمت فيه إعادة الأندية الحديثة الحالية.
عودة الأندية الرياضية
بعد 20 شهرا توجه بعض الشباب الرياضي إلى بعض الشخصيات الكويتية من رجالات الكويت الذين كانوا يجلسون عند الشيخ عبدالله السالم وطلبوا منهم أن يترجوا (الشيخ العود) لإعادة فتح الأندية الرياضية وبالفعل تقدم ابرز رجالات الكويت من الشيخ عبدالله السالم وطلبوا منه ذلك ووافق الشيخ عبدالله السالم على الطلب وأوعز إلى حكومته بهذا الأمر ولكن وفق قرارات تتماشى مع متطلبات الحكومة.
وقام رجال الكويت البارزون على الفور بالاتصال ومقابلة بعض الشخصيات الرياضية وأوعزوا إليهم التقدم بطلب إعادة فتح الأندية الرياضية فتحركت هذه الشخصيات الرياضية وقامت بالاتصال بكل الشخصيات الرياضية المعروفة في ذلك الوقت واتفقت على تكوين وفد يمثلهم لمقابلة رئيس دائرة الشؤون الاجتماعية في ذلك الوقت الشيخ صباح الأحمد، رحمة الله عليه (أمير البلاد الراحل).
تكون هذا الوفد من: فهد عبدالعزيز الداود المرزوق، خضير مشعان خضير الخالد، خالد أحمد حمد مجرن الحمد، بدر المقهوي، حامد عبدالسلام شعيب، وتقدم وفد الشخصيات الرياضية بطلب مقابلة سمو الشيخ صباح الأحمد (رحمه الله) الذي كان فيما يبدو عنده علم مسبق بهذا الأمر ولديه الموافقة الرسمية من أمير الكويت وتم تحديد موعد المقابلة صباح الاثنين الموافق 17/10/1960. في دائرة الشؤون الاجتماعية الذي كان موقعها في بيت حكومة قريب من الكنيسة الكاثوليكية في منطقة «برزان» التي تقع في نهاية منطقة القبلة في الناحية الغربية منها التي يفصلها عن الوطية السور الثالث ويحد الدائرة غربا سور الكويت وشمالا بوابة (دروازة) المقصب وجنوبا بوابة (دروازة) الجهراء، وفي هذه المقابلة تقدمت هذه الشخصيات بطلب كتابي مرفوع الى الشيخ صباح الأحمد طالبين الموافقة على إعادة فتح الأندية الرياضية، وأبدى الشيخ صباح رغبته أيضا لمجموعة الشخصيات الرياضية في إعادة الرياضية من جديد ولكن وفق شروط محددة، وهي كالتالي:
1- أن تعود الأندية ولكن بأسماء جديدة.
2- ألا يزيد عدد الأندية عند عودة الرياضة على ثلاثة أندية فقط في السنة الواحدة.
3- ألا تفتح أندية رياضية جديدة وفق الأسلوب القديم.
4- أن تفتح الأندية بموجب ترخيص يصدر من دائرة الشؤون الاجتماعية.
5- أن تفتح الأندية وفق أطر قانونية محددة.
6- أن تخضع كل الأندية ونشاطاتها تحت إشراف دائرة الشؤون.
7- تقدم دائرة الشؤون الدعم المادي السنوي الى هذه الأندية.
ودون تردد وافقت هذه الشخصيات على هذه الشروط خصوصا البند الخامس مع تقديم الشكر إلى الشيخ صباح الأحمد على شرط الدعم المادي الذي سوف يكون بلا أدنى شك داعما قويا للنهوض بالحركة الرياضية الكويتية.
للحديث بقية.