إلى والدي وسيدي الشيخ راشد الجمالين السبيعي، أتى وقت الوداع.. اللهم لا اعتراض و(إنا لله وإنا إليه راجعون)، فموتك يا أبا منصور كان كزلزال اهتز به كيان ومشاعر كل من عرفك وعشت في وجدانه وقلبه، فيا ليتك ترى دموع الرجال والنساء، شيبا وشبابا، والأطفال والولدان، لله درك كم أسرت القلوب.
لم يكن ديوانك إلا قبلة ومزارا لكل شريف ونبيل وطالب حاجة، فكم من سجين لم ينم جفن لك حتى فككت قيده، وكم من مهموم معسر فرجت همه، وكم من ثكلى وأرملة من الحرائر سترت عفافها وعزة نفسها من الحاجة، وكم حاجة من حوائج المحتاجين كان جاهك الجليل بعد الله سببا في وصولها لصاحبها، ومن شدة مروءتك كانت نفسك لا تستسيغ عبارات الشكر والعرفان العلنية لذلك كله.
كنت مدرسة تسير إليها الركبان لأخذ الرأي لمن تاه الطريق، وموسوعة في الكرم لمن أراد أن يكون جوادا، ومثلا أعلى في القيادة لمن أراد الريادة، كنت جبلا لا يهتز في النائبات، ونظرية في عزة النفس والأنفة لمن أراد أن يكون شريفا عزيزا، وكم هي لك نفسا أبية وشامخة تتلاشى أمامها قيم شراء الذمم والرشوات ويتقزم أصحابها أمام هيبتك وقيمتك وثقتك بنفسك.
فلمثلك والله يغبط على هذه السيرة، إلى جنات الخلد، إن شاء الله، ومستمرون في منهجك وتحت ظلال قيمك باقون.