ذكر تقرير الشال، أن الإدارة المركزية للإحصاء أصدرت في سبتمبر الفائت تقريرا حول المتعطلين الكويتيين عن العمل وفق بيانات ديوان الخدمة المدنية كما في 30/06/2021، وبلغ عددهم 7668 متعطلا، وتقدر نسبتهم إلى إجمالي عدد العاملين الكويتيين وفق أرقام الهيئة العامة للمعلومات المدنية والبالغ عددهم 455.7 ألف كما في 30/06/2021 أي نحو 1.7%، وهي نسبة البطالة السافرة.
وخصائص تلك البطالة السافرة، عادية في بعضها، واستثنائية في بعضها الآخر، وسوف نستعرضها بشكل موجز، ثم نعرج على ملاحظات لنا على التقرير، لعل الإدارة المركزية للإحصاء تأخذ ببعضها.
ما هو عادي، هو حجم البطالة السافرة الذي يبدو متدنيا ما دام القطاع العام قادر على التوظيف بغض النظر عن الحاجة له، وما هو عادي هو تقارب نسبة توزيع البطالة مع نسبة توظيف المواطنين، أو 46% لبطالة الذكور و54% لبطالة الإناث.
وما هو عادي أيضا، انخفاض أعداد المتعطلين لمن مر على تعطلهم وقتا أطول، أو نحو 18% من الإجمالي لمن مر على تعطلهم أكثر من سنة، ونحو 25% لمن مر على تعطلهم 6 شهور إلى سنة، والأغلبية المتبقية هم المتعطلون حديثا.
ولكن ما هو غير عادي وخطر، خاصية ارتفاع بطالة الشباب، فنحو 70% من المتعطلين أعمارهم دون الـ 29 عاما، وذلك مؤشر على عجز الاقتصاد على خلق فرص عمل، وبدء عجز المالية العامة عن توفير وظائف صورية.
وما هو غير عادي هو ظاهرة بلوغ نسبة المتعطلين ممن يحملون الشهادات الجامعية وما يعلوها نحو 50% من إجمالي المتعطلين، وذلك مؤشر على انفصال مخرجات التعليم عن حاجة سوق العمل في القطاعين العام والخاص.
ما هو غير عادي هو بلوغ المتعطلين الذين حصلوا على دورات تدريبية نحو 70% من إجمالي المتعطلين، بينما لا تزيد على 30% ممن لم يحصلوا على دورات تدريبية، ذلك يعني أن البطالة ترتفع أعدادها طرديا مع ارتفاع مستويات التعليم، ومع الحصول على دورات تدريبية، وتلك بالتأكيد خاصية كويتية فريدة.
ولعل الأهم، هي ملاحظاتنا على التقرير، والملاحظة الأولى هي أن رقم المتعطلين لدى الهيئة العامة للمعلومات المدنية في تقريرها حول السكان والقوى العاملة والصادر أيضا في سبتمبر 2021 ويغطي نفس الفترة، يبلغ 32851 متعطلا، ما يعني أن نسبة البطالة السافرة بلغت نحو 7.2% أو أكثر من 4 أضعاف أرقام متعطلي الإدارة المركزية للإحصاء، ولابد من توحيد الرقمين ما دامت المؤسستان تنشران أرقاما عن بلد واحد.
أما ثاني الملاحظات هي أن التقرير على بساطته، تقرير سنوي، وأرقام البطالة هي الأهم، وفي معظم الدول تنشر بشكل شهري، وهي تقارير معمقة وتفصيلية وزاد رئيسي لراسمي السياسة الاقتصادية.
وثالث الملاحظات هي أن ما هو أهم من البطالة السافرة في الوقت الحاضر، تلك البطالة المقنعة، والتي يمكن قياسها بنوع الخدمة وجودتها وتكلفة انتاجها مقارنة بدول أخرى، وأهميتها تكمن في تأكيد فقدان ميزان العمالة لاستدامته حال استمرارها بالارتفاع، ومخاطر إهمالها وخيمة.
وأخيرا، رابع الملاحظات هي دراسة حالة الانفصال ما بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، ذلك مهم لأنه عمل استباقي لاجتناب مخاطر ارتفاع مستويات البطالة بشقيها، السافر والمقنع.
باختصار، تتنافس دول العالم على ابراز جودة وغزارة معلوماتها، وأهمها تلك التي تتعلق برأسمالها البشري، ومن دون تلك المعلومات، لا يمكن صياغة وتنفيذ السياسات الوقائية، ولا يمكن بناء كيان اقتصادي مستقر ومنافس.