عندما نتغنى بالعصر الذهبي الذي يشهد له التاريخ الكويتي ويشهد له العالم العربي في تميزه وقوته كان نتاج جهود رجالات تلقوا تعليمهم في الكتاتيب أو الكتاب، تلك المدارس الصغيرة التي خرجت ناس بهم الخير الكثير، وبلورت شخصيات ذات إحسان عال جدا، متزنة فكريا ونفسيا، وراقية في سلوكياتها وأدائها وعطائها، ولا عجب فالكتاب كان يعتمد على تعليم قراءة وحفظ ودراسة القرآن الكريم كاملا، فيتشرب الطفل حينها القيم الأخلاقية، والثقافة الراقية، والبصيرة الفذة التي أدت إلى نهضة وطن متميز بأدائه من بين محيطة الإقليمي.
فمقالنا اليوم مخصص للأب الراحل الشيخ عبدالله الجابر الصباح، رحمه الله تعالى وأسكنه الجنة، تلك الشخصية التي برزت كإحدى الشخصيات التي كانت لها بصمة في نهضة وطن، فكان، رحمه الله، شخصية تتمتع بثلاث صفات: إحسان عال - ثقافة - ـ بصيرة.
لن أسرد إنجازات هذا الرجل المعطاء فهي معروفة لدى الجميع ولايزال يتغنى بموروثه الثقافي جميع الأجيال التي عاصرته، وإنما أولي الرؤية إلى الجانب التربوي له في صناعة جيل، وعليه كان التعليم والازدهار والنهضة في قممها، حيث اهتم بالجانب الإنساني للمواطن الكويتي وتنميته من حيث السلوك والفكر، حيث صب اهتمامه على جميع المراحل العمرية من الطفولة إلى الشباب إلى الشيخوخة، فمن أبرز تلك القضايا التي أثارت إعجابي بشخصه، رحمه الله، أنه طالب بحقوق المرأة في التعليم والعمل وفي نفس الوقت حافظ على كرامتها من خلال قانون فرض لبس العباءة على المعلمة أيا كانت سواء كويتية أو وافدة ولا يحق لها الخروج عن هذا العرف وإلا تحولت للمساءلة، وعليه حافظ على القدوة الحسنة للطالبات من الناحية التربوية قبل التعليمية، فالقدماء يحرصون على الستر والعفة مقابل النهضة والتنمية الحضارية وفق قواعد إسلامية بحتة، تلك الموازنة قد حققت للمرأة الكرامة والرفعة التي لم يرها بعض النسوة آنذاك اللاتي نددن بالمعارضة تحت ستار الحريات الشخصية ولازالوا، وبالتالي كان الأمن الاجتماعي أكثر استقرارا.
فصناع الحضارة دائما يركزون على الجانب الإنساني والسلوكي والأخلاقي بالدرجة الأولى كقواعد أساس قوية مؤهلة لبناء أعلى صرح للنهضة التعليمية والتنموية والاقتصادية.. إلخ، فإن تهالكت القواعد تهالك البناء، فلما اندثرت العادات والتقاليد واندثرت مبادئ الإسلامية كقواعد تربوية والتي ينظر إليها على أنها تعقيدات نفسية في التربية والتعليم مقابل الانفلات أدى ذلك إلى تعرض الصرح العالي إلى عوامل التعرية التي جعلته آيلا للسقوط وها نحن بصدد ذلك، وعليه فإن الظواهر السلبية الكبيرة التي تفتك بالمجتمع هي أثر سلوكيات تربوية صغيرة ملتوية لا يلقى لها بال أو يولى لها اهتمام.
نحتاج إلى تبني سياسة أبينا الشيخ عبدالله الجابر، رحمه الله، وتكملة عهده بما يتناسب ونفسيات وظروف الجيل الجديد، إلى جانب تبنى رؤيته في التنمية والتطور، فقد ضخت الأموال في عهده في سبيل التعليم الجيد ونهضة جيل كامل، وضخت الأموال في سد احتياجات أبناء الوطن صغارا وكبارا، فصناعة الإنسان تحتاج إلى قيم أخلاقية وسلوكية وعلم، وحتى تتقن العملية التربوية والتعليمية لابد من دعم عاملين نفسي ومادي.
LinesTitle@