لا شك أن العديد من دولنا العربية تعاني الكثير من المشاكل، منها ما هو خطير ومنها ما هو خطير جدا، ولديها قضايا شائكة وملفات مركبة ومعقدة بشكل عميق وتحتاج للنظر إليها بعين المخلص القوي الأمين.
نعم، هناك مشاكل نستطيع ترحيلها إلى وقت آخر، وهناك ما نستطيع التمرحل والتدرج في حله، ولكن بكل تأكيد هناك منها ما لا يحتمل التأجيل أو الترحيل.
***
لا شك أن العنصرية الدينية والطائفية مقيتة ومميتة، ولكنها ليست مستحيلة على العلاج وبالإمكان التعامل والتعايش السلمي بشكل إيجابي معها، وذلك بتهميش بعض الخلافات الفقهية المتطرفة والتقريب بين الأديان والمذاهب والسمو فوق المختلف بشأنه والتركيز على المشتركات.
ومما لا شك به أيضا أن العنصرية الطبقية تحمل قدرا كبيرا من النرجسية والنظرة الدونية من بعض فئات المجتمع لبعض الفئات الأخرى، ولكننا بشكل أو بآخر نستطيع إذابتها بعمل بعض الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والتقريب والعدل والمساواة بين الطبقات، وجعل الأغلب في طبقة واحدة وهي الطبقة الوسطى أو ما يدور في فلكها.
***
ولكن الأخطر يكمن في الانحرافات للنفسيات المشوهة والمتمثلة بأسوأ أشكال الإثنيات، وهي الإثنية العرقية أو الإثنية القومية على وجه الخصوص، فهذه في حال تجذرها بأي مجتمع لا علاج ولا حل لها لأنها تغلق الباب على أي اندماج أو انصهار أو ذوبان لبعضها أو كلها في بعض أو كل القوميات الأخرى، ومن المفارقات العجيبة أنها تحاول إيجاد ما يحول دون التقائها أو تعاونها مع الآخرين، والمفارقة الأعجب أنها تبحث عن افتعال العداء مع القوميات الأخرى داخل القُطر الواحد والأمة الواحدة.
***
هذا ما توصلت له من خلال بحوث ونصحت به كثيراً وهو أن الأيديولوجيا (الرافضة للآخر) والمختلفة معه اختلاف تضاد لا تصلح للقطر الواحد والأمة الواحدة (في حال وجود أمة واحدة موحدة)، إنما الأيديولوجيا إن كانت مقبولة ومعقولة فهي للوطن باتجاه الأوطان الأخرى وللأمة باتجاه الأمم الأخرى.
***
يجب على الدولة والأمة الواحدة مراعاة كل الأطياف المكونة لها، والتي من حقها الوجود والانتماء والعمل والعطاء في ظل وتحت الأيديولوجيا والسياسات العامة للدولة والأمة، وهذا الأمر بإيجابياته وسلبياته وأوامره ونواهيه لابد أن يخضع لما أسميته «مثلث الاحتمالات»، وهو عبارة عن ثلاث صفات لا يخرج عنها العنصر البشري في تعاطيه مع الأحداث وهي بشكل مختصر كالآتي:
المتقوقعون: وهم دائما منكفئون على ذواتهم ومتقوقعون في موقع محدد وثابت غير متغير لا يؤثرون ولا يتأثرون بغيرهم.
والواقعون: وهم أولئك الذين يقعون دائما وأبدا تحت فرضيات وأحلام مستحيلة غير قابلة للتطبيق، ويعيدون نفس الخطوات ويتوقعون نتائج مختلفة، وهذا أمر مستحيل بطبيعة الأشياء لأنك عندما تعيد نفس الخطوات حتما ستجد نفس النتائج.
والواقعيون: وهم الذين يتعاملون مع الواقع بتوازن ومواءمة، ومن خلاله يحاولون صنع وخلق البيئة والأرضية الممكنة والملائمة للتطوير والاتجاه نحو الأفضل، وان وجدوا أن طريقة معالجتهم للوضع غير مجدية وان من الأجدر تغيير طريقة تفكيرهم ومعالجتهم للأوضاع فهم يملكون الكثير من المرونة العقلية والذهنية والنفسية للتغيير.
***
هذا بشكل نظري وبحثي، ولكن بشكل شخصي وعملي، وفي هذا السياق ومن واقع تجربتي كنت دائم الحث على تضمين البيانات والتصريحات والشعارات والهتافات «السياسية» كل الحالات الوطنية، حتى يجد كل المواطنين ذواتهم فيها ويعتبرونها معبرة عن تطلعاتهم تجاه ما يمر بأوطانهم.
[email protected]
[email protected]