إن البناء الأخلاقي مهم لبلورة ثقافة مجتمعية راقية ومتميزة، وما يحدث اليوم من افتقار قيم لبعض طلاب المرحلة الجامعية سواء كانت جامعات حكومية أو خاصة ـ ولا أقول انحدارا أخلاقيا لإيماني الشديد بأن هذا الجيل به من الخير الكثير يظهر وقت الشدائد، ولكن طلاب المرحلة الأكاديمية العليا بحاجة إلى محاضرات ترفع من حصيلة القيم لديهم، إلى جانب تعليمهم المهارات الاجتماعية في التعامل والأخلاقيات العلمية والتفاعلية، وتكون إلزامية للقبول وليس بالحضور فقط.
من قبل فترة كنت في جامعة الكويت ولاحظت سلوكيات فوضوية من بعض الطلبة، دالة على فقد قيم معينة لم يروضوا عليها من قبل، مثال لتلك القيم التي لاحظتها:
٭ النظافة: حيث رمي المهملات في كل مكان شيء مخزٍ ومحزن، فالطالب الجامعي يعتبر طالب دراسات عليا، فيجب أن يكون سلوكه راقيا ومتحضرا، إلى جانب رمي السجائر من نافذة المركبة التي يقودها الشاب، هذا بالإضافة إلى السجائر الإلكترونية التي أصبحت ظاهرة متفشية، ولا يجب على الطالب الأكاديمي أن يقترب من التدخين أساسا، فهذه معضلة وتحدياتها تواجه المؤسسات التعليمية الكبرى من الناحية التربوية.
في السابق كان الشاب في ذلك العمر يخشى التدخين أمام أحد؛ خوفا من أن تلحقه نظرة المجتمع الدونية، إلى جانب العقاب الذي سيتلقاه من والده أو من أحد جيرانه إن لمحه يدخن، إن المؤسسات التعليمية الكبرى يجب عليها التصدي لتلك الظاهرة بمنعها على الأقل داخل الحرم الجامعي، وبذلك فالجامعة قد حققت دورها في رفع الجانب الأخلاقي الذي هو أساس التعليم والتأهيل المهني (راجع عزيزي القارئ مقال الفرق بين القيم والأخلاق).
٭ البساطة: أذكر وأنا طالبة في الجامعة سنة 1995 كان هناك وفد أميركي زائر لجامعة الكويت، وقال أحدهم عبارة وهو مندهش من رفاهية الطلاب في جامعة الكويت آنذاك قائلا: «طالب جامعة الكويت ـ طالب خمس نجوم»، وذلك لما يتمتع به طلاب الجامعة من رفاهية، حيث السيارات الفارهة إلى جانب اللباس الغالي، وهوس الموضة.. إلخ من معالم الرفاهية، إلا من رحم ربي.
٭ عمليات التجميل والأزياء: يحزنني منظر بعض الفتيات الصغار بعمليات تجميلية من نفخ ونمص بشع ووشم وأمور مبتذلة لا تعكس شخصية أكاديمية غنية بفكرها وببساطتها، إلى جانب هوس الأزياء ومساحيق التجميل.
٭ السلوكيات العامة: الاحترام والحياء خلق عظيم، فمن السلوكيات التي تحط من احترام الذات والعامة: الصوت العالي ـ الأغاني داخل الحرم الجامعي ـ عدم تقدير حدود الزمالة ـ الهندام والمظهر ـ العنف والعدوانية ـ الانفعال ـ عدم احترام الكبير ـ عدم احترام الوقت: وهو من الأمور الأساسية في الحياة الأكاديمية، واحترام الوقت نابع من احترام المؤسسة نفسها، والذي ينعكس من خلال احترام أوقات الصلاة.
ومما سبق فمن الضرورة فرض محاضرات على شكل مادة بمنهج متكامل في بداية كل سنة دراسية من أجل غرس القيم الأخلاقية عن طريق أسس مهمة، ألا وهي التكرار الذي يكون به الصناعة النفسية للشباب والداعمة لدور الأسرة في تنشئة جيل راقٍ وصالح.
LinesTitle@