قبل يومين كنت في ديوانية الكاتب سعد المعطش وكنا نتحدث عن قانون الخصخصة وكان الحديث شيقا ورائعا، ولا أعرف لماذا تذكرت حينها مشهدا في مسرحية سوق المناخ حينما كان فناننا الجميل عبدالحسين عبدالرضا في دور تاجر ويترأس وفدا لمجموعة من التجار في زيارة لوزير التجارة، ولم يكن هذا المشهد الفكاهي الجميل ما هو إلا إسقاطا واقعيا للمرحلة التي كان يمر بها السوق الكويتي قبل انهيار سوق المناخ، وأوجه الربط بين هذا المشهد القديم الجديد وبين واقع حالنا بعد أكثر من 25 سنة على هذه المسرحية الجميلة كون عقلية التاجر الكويتي مازالت هي عقلية حسينو الذي يريد فقط تفريخ الشركات وتبييض أخرى لمصلحته فقط ولو احتال على القانون وقام باستغلال ثغراته الكثيرة فمن شركة بيض الخعفق إلى فرخ الخعنفق وصولا إلى جدر الخعفرق تدور رحى حسينو ومجموعته التي تريد شفط أموال الشعب والأمة برعاية حكومية وببركة قوانين «حلمنتشية» سلقت بعجالة في مجلس الأمة الذي ينقاد أعضاؤه وراء قضايا هامشية مثل حفلة لستار أكاديمي أو إعلان مغر بجريدة أو برنامج في قناة فضائية ويتركون دورهم في تشريع قوانين مهمة للوطن والمواطنين.
في الحقيقة أنا لست ضد الخصخصة من حيث المبدأ، فالخصخصة نظام اقتصادي جميل ورائع قد يساعدنا في الخروج من مأزق الباب الأول من الميزانية وهو باب الرواتب الذي يمتص 90% من ميزانية الدولة ويساهم في تقليل هذه النسبة غير المعقولة، لكنني في الوقت نفسه لا أثق في عقلية التاجر الجشع الذي علمتني وعلمتكم الأيام بأنه جاء ليأكل فقط، دون جودة في المنتج ولا سعر مناسب ولا خدمة تذكر، فكيف أسلم رقبتي وثروة بلدي بيد من هم بالأمس كانوا سببا في انهيار شركات وبنوك محلية كبرى كانت بالأمس من أكبر شركات المنطقة؟ كيف أسلمهم رقبتي وهم الذين تحججوا بأزمة ارتفاع أسعار النفط فرفعوا الأسعار ولكن بعد أن انخفضت أسعار النفط بقيت الأسعار ساكنة في محلها؟ وكيف أثق أيضا في حكومتي وهي تعرف أنها لا تستطيع أن تكون ندا للتجار؟ فكلنا نعلم أن التجار أقوى من الحكومة والذي يقول غير ذلك فلله دره. أما وإن كان ولابد من هذه الخصخصة، فلتكن وفق قانون يضع مصلحة الناس قبل مصلحة الأشخاص نصب عينيه، ويكون فيه الحق كل الحق للمواطن البسيط والمقيم كذلك، ويكون هذا القانون دستوريا قانونيا اقتصاديا بحتا ومحبوكا «حبكة قصيمي» و«متوبك عدل»، ليحفظ للمواطن حقوقه ويعطي بالفعل قيمة مضافة للاقتصاد الكويتي بخدمة ممتازة وجودة عالية وبأسعار معقولة، ولو انني حتى بعد هذا أشك في تطبيقه ولو كان القانون صاغه آدم سميث ذاته.
[email protected]