حين قرأت ما طرحه النائب الفاضل علي الراشد حول مقترحه المزمع تقديمه لتعديل الدستور تساءلت كثيرا كيف يكون نهج تعديل الدستور هو جعل سيطرة أكبر للحكومة على البرلمان؟ وبهذا الصدد أود أن أشير إلى أن ما طرحه النائب الفاضل هو رأي لابد من احترامه ويبقى رأيه اجتهادا منه وقد تكون لديه وجهة نظر فيما طرح، غير أن ما يحمله الاقتراح بين طياته من جموح واضح نحو سيطرة الحكومة على البرلمان يعد أمرا مستغربا كون نائب للأمة ينادي ويقف في صف الحكومة ويؤازرها لكي تحجم من هذه الأداة الرقابية المهمة، وقد يكون رأي النائب علي الراشد بأن هناك الكثير من النواب قد أساءوا استخدام أداة الاستجواب مما جعل منه أداة تصفية للوزير أو انتقاما شخصيا ضيقا أو تصفية حسابات قد لا يكون الوزير طرفا فيها، ونحن هنا نؤكد للنائب الفاضل أن سوء استخدام هذا الأداء لا يعني التوجه لتقليص أدوات النائب الدستورية.
ولو علمنا أن الاستجواب لا يعدو كونه سؤالا برلمانيا مغلظا، ولا يكون الاستجواب كذلك مؤثرا إلا بعد أن يستطيع النائب إقناع 10 نواب في جلسة الاستجواب لطرح الثقة بالوزير، فإذا القوة ليست في الاستجواب بذاته وإنما في عملية تقديم طلب طرح الثقة بالوزير وهذا لا يتم إلا بتوقيع عشرة نواب على هذا الطلب وهو أبلغ رد على اقتراح النائب علي الراشد.
وقد قدم النائب الفاضل حجة مفادها أن الاستجواب يقدم من نائب واحد في حين أن المشروع بقانون يحتاج لخمسة نواب لتقديمه وكأنه يرى أن الاستجواب أهم من المشاريع بقوانين، لكننا إذا نظرنا إلى مسألة تقديم مشروع بقانون وهي أكبر بكثير من مسألة تقديم استجواب ضد هذا الوزير أو ذاك، فسنجد أنه لو أقر قانون ما فإن أثره سيكون فاعلا على جميع من يعيش في الكويت أما الاستجواب فهو كما أكدنا مجرد سؤال برلماني مغلظ لا يكون مؤثرا إلا بعد مسألة طلب طرح الثقة، لذلك فإن إدراك المشرع الكويتي بوجوب توقيع 5 نواب على أي مشروع بقانون هو أمر في غاية الدقة والروعة في الواقع وذلك في تأكيد المشرع بأن أثر القانون على حياة الناس أهم من تقديم استجواب فنحن بالنهاية دولة مؤسسات لا دولة أفراد، لذلك من المنطقي أن يكون تقديم الاستجواب جائزا بنائب واحد وتقديم مشروع بقانون وهو أهم من الاستجواب برأيي بخمسة نواب.
وكم يكون رائعا ووطنيا لو قام أحد الإخوة النواب بتقديم اقتراح بتعديل الدستور حيث يحجر على الحكومة التصويت على اختيار رئيس مجلس الأمة ونائبه وجميع المناصب ناهيك عن حجرها عن التصويت على اختيار أعضاء اللجان البرلمانية وإلغاء مسألة أن الوزير يكون نائبا بالبرلمان، ليكون لدينا برلمان شعبي 100%، فلو تم هذا الأمر لمهد الطريق لإشهار الأحزاب والتحضير لأن نخرج من ديموقراطيتنا الجزئية إلى رحاب أن تكون الأمة فيه مصدر السلطات جميعا.
[email protected]