تعتبر أساسيات التربية ركائز لابد ان يتم انتهاجها على مدى الأجيال ومع جميع الفئات العمرية، وهي قد لا تكون تحتاج الى دراسات كثيرة أو نظريات، وإنما تحتاج لركائز ثابتة يسير الوالدان عليها بشكل منتظم حتى تتحقق التربية المرجوة.
وقد تكون أولى ركائز التربية في الحوار مع الطفل، فمنذ قديم الأجيال إلى اليوم وحتى تقوم القيامة، هناك مواضيع خاصة بكل فئة عمرية للأطفال ليس جيدا أن أقفز بالطفل ذي السنوات الـ 7 إلى مرحلة الـ 20 عاما لأن الأم أو الأب يريدون الفضفضة للطفل على سبيل المثال، فهناك مواضيع لا يتم التحدث بها مع الأطفال بالبتة وبالأخص التي ستكون صورا سلبية لديهم أيا كانت، فعلى سبيل المثال تجد أن بعض الآباء، سامحهم الله، يجلس مع أبنائه ويحدثهم عن تجاربه السيئة في الحياة، والغدر الذي تعرض إليه والمشكلات التي واجهها في حياته أو حتى بعلاقته بأمهم أو أن تحدث الأم الأبناء بعلاقاتها السلبية ومشاكلها مع أبيهم أو حتى الصدمات التي تلقتها في حياتها، فيعمل الوالدان بهذه الطريقة على نقل الطفل من مرحلة عمرية إلى مرحلة أكبر، هذا فضلا عن إكسابه صورا سلبية ستترسخ في عقله الباطن وقد لا يتخلص منها مدى الحياة.
فالأطفال من المفترض أن يكون الحوار معهم مقتصرا وفي أضيق الحدود، سواء في إكسابه قيما دينية أو اجتماعية تتناسب مع عمره أو تقويم أخطائه وسلوكياته الخاطئة أو تدريسه، أما أن اجعل من الطفل صديقا أفضفض له في مواضيع حتى البالغون لا يحبون أن يسمعوها فهذا سلوك خاطئ من الوالدين.
فالطفل لابد أن يترك على سجيته ونجعله هو من يكتشف الحياة ونجيبه عن أسئلته المقبول الإجابة عنها، حتى أن هناك مواضيع وأمورا لا تذكر أمام الأطفال أبدا لأنها إما أن تعقدهم أو أن تكسبهم ثقافة من غير الجيد أن يكتسبوها في مرحلة عمرية مبكرة، لأنها قد تكون لديهم آراء وانطباعات وهم لا يفقهون ما يقولون.
قد يعتقد البعض أن الموضوع يحتاج لثقافة عالية في علم النفس التربوي وهو لا يحتاج ذلك، ففي الماضي جداتنا وأجدادنا لم يكن لديهم علم وثقافة، ولكن كانت لديهم أساسيات التربية أفضل من بعض المتعلمين اليوم.
ففي الماضي كان الأطفال لا يجلسون مع الكبار إلا فيما ندر، وإذا ما أرادوا التحدث في موضوع ما كان يطلب من الأطفال مغادرة المكان حتى لا يسمعوا الحوار أيا كان هذا الحوار، ولكن كانت الأمهات والجدات يستشعرن بحسهن التربوي أن هذه المواضيع لا تناسب الفئة العمرية للأطفال وهن كن غير متعلمات ولكن فطرة الأمومة لديهن والحس التربوي كان عاليا، فهذا أمره بالفطرة ولا يحتاج دراسة، وكذلك كان الآباء يحرصون على معاتبة الأم التي تتحدث في مواضيع غير لائقة مع أبنائها، وكذلك لم يكن الآباء على ما نشهده اليوم، بل إذا ما كان لديه سلوك سلبي لا يريد أن يقلده أبناؤه فيه كان لا يقوم بهذا السلوك أمامهم حتى لا يكتسبوا منه العادات السلبية.
ولم يكن الآباء في الماضي يقحمون أبناءهم في مشاكلهم، بل كان الأب يحرص على أن يكون متزنا ومثاليا أمامهم حتى يحرص ألا يجرح المرحلة العمرية التي ينتمون إليها إلا فيما ندر من الآباء وهي حالات شاذة غير معممة، ولكن أغلب الآباء كانوا يعرفون ما يقال أمام الطفل وما لا يقال حتى في المجتمعات غير الإسلامية، فهذا سلوك تربوي يحرص عليه الجميع.