إن الإنسان مجموعة من الأخلاق، وعليه تجنب الذميم منها والتمسك بالحسن، ومن تلك الأخلاق السيئة التي قد تودي به إلى مصير مأساوي في (الآخرة) قبل الدنيا.. هي (حالة الكبرياء) التي قد تطغى على شخصيته، وتتضح بتصرفاته، فكل خلق سيء قد يهون إلا التكبر الذي حذر منه الدين، وثبت عمليا ضرره الفادح بين البشر، لأنه خلق ذميم يتولد من خلاله سيل من الأخلاق الذميمة، فهو سوء متراكم ومتراكب على بعضه.
فالمتكبر هو إنسان في غاية التجاوز!، لأنه اتخذ لنفسه مزية لا حق له بها، فصفة الكبرياء هي لله وحده، ولا يحق لكائن من كان أن يتخذها لنفسه، وهي تتفاوت في الجرم، فهناك من يتكبر على الناس، وهناك من يتكبر على رب الناس وهذا أشنع وأخطر، ومثال ذلك فرعون حين قال: (ما علمت لكم من إله غيري).
وقد قال النبي ﷺ في الحديث القدسي: (قال الله عز وجل: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النار) وأيضا ثبت عنه ﷺ أنه قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر».
فعندما نسمع مثل هذه التحذيرات الخطيرة فعلينا الانتباه والعمل على تهذيب النفس وتنقيتها من شوائب الحياة،، فلا يحق لأي واحد منا مهما كانت مكانته، ومنزلته، ووظيفته، أو ظروفه، أن يتكبر أو يتعالى!.
ولو تمعن كل واحد في نفسه جيدا لأدرك أنه لا يحق له التكبر،، وتعالوا معي لنتفكر في أجسادنا وأتمنى ألا تؤاخذوني على هذا التفكر المستحق ـ فمن ينظر في جسد الإنسان سيرى أن الإنسان يحمل في جسده جانبا من (القاذورات) أجلكم الله، فهو يتحرك ويمارس حياته ويتنقل بين الناس وهناك بداخله (درام زبالة) تتكدس فيه القاذورات!، فلو تصور كل واحد منا هذا المشهد وتفكر فيه قليلا لعلم وعرف واقع مشهده وبشاعة تفاصيله،، ولعلم أيضا أن التمسك بأخلاق النبلاء والكرام التي دلنا عليها ديننا الحنيف هي ما تجمله في عيون الخلق حتى لا يرى منه إلا الشيء الجميل!.
وحتى يتضح المشهد الذي أصبو إليه تعالوا معي لنتفكر بقول الله عندما أراد ـ جل شأنه ـ أن يبين أن مريم وابنها عيسى ـ عليهما السلام ـ بشر كسائر البشر فقال: (كانا يأكلان الطعام)..
وكما هو معلوم أن القرآن مبني على الإعجاز والإنجاز، فإن الآية تتطرق إلى إشارة مهمة، فبعد أكل الطعام لابد من إخراجه من جسد الإنسان، أي أنهما بشر وسيخرجان ما تكدس بهما كسائر البشر، والإله أعظم وأجل من ذلك!، فهي آية تتضمن لمحة دقيقة وإشارة حكيمة لطبيعة الإنسان وتكوينه والتي تختلف تماما عن (الإله)، وهذه الطبيعة البشرية لا تماثل طبيعة الخالق أبدا. أبدا، ومن هنا نفهم مثلما أن الألوهية لله الواحد الأحد وحده، فإن الكبر كذلك لله وحده، ولا يحق لمخلوق أن يتصف بصفات الخالق التي تفرد بها سبحانه.
لذلك يا إنسان تجنب الكبرياء فهو لله وحده، وعليك تجنب أي شيء يغضب الخالق، حتى تنال الدرجات العلا، ونسأل الله سلامة الصدور والفوز والقبول عند قرارنا في القبور،،، والسلام.
****
قال تعالى: (ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا).
hanialnbhan@