المغفور له بإذن لله، خادم الحرمين الشريفين الراحل، الملك فهد بن عبدالعزيز طيب الله ثراه، له كلمة مشهورة حين أتى إليه مسؤولو الثروة المائية في المملكة يشتكون من استنزاف زراعة القمح للمخزون المائي الجوفي في المملكة، وقالوا له سيكون أرخص وأجدى اقتصاديا للمملكة لو أنها أوقفت تشجيع ودعم زراعة القمح والاكتفاء باستيراده من الخارج، وكانت أسعاره وقتها زهيدة من دول شيوعية مثل أوكرانيا والهند. فرد عليهم رحمه الله بعبارته التي تستحق أن تخلد في التاريخ في أنصع صفحاته «وأنا ما الذي يضمن لي أن هذه الدول ستستمر في تصدير قمحها لي».
لتمر السنوات وتحصل حرب روسيا وأوكرانيا وينقطع محصول القمح الأوكراني عن العالم والذي نحن جزء منه ونستورد أغلب قمحنا منه. لنتذكر تلك العبارة التاريخية للملك فهد «وأنا ما الذي يضمن لي أنها ستستمر في تصدير قمحها لي».
رحمك الله يا أبا فيصل، فقد كانت رؤيتك تسبق زمنك بعشرات السنين وفعلا تحقق الذي حذرت منه. بالإضافة لأزمة أوكرانيا هناك سبب آخر جعلني أتذكر مقولة الملك فهد طيب الله ثراه وهو خبر وبشرى بثها عبر تويتر مزارع سعودي بطل اسمه سالم الشراري من منطقة الجوف أنه نجح في زراعة الأرز تلك المادة الرئيسية والتي لا تخلو منها أي مائدة خليجية، هذا إنجاز عظيم ويجب أن يتم الاحتفال به وتشجيعه والاقتداء به. قرأت في التعليقات أن زراعة الأرز تستهلك الكثير من الماء لكن الرد على هذه النقطة هو من جزأين:
1 ـ الصين نجحت في زراعة الأرز في مياه قليلة الملوحة وهي ما نسميها في الكويت (الصليبي).
2 ـ نجحت استراليا في تقطير وتصفية ماء البحر عن طريق الطاقة الشمسية التي لا تكلف الكثير إلا في البداية.
آن الأوان أن نزرع ما نأكل فالعالم مشاكله كثيرة، وواضح أنه مقبل على مشاكل أكثر، فبعد كورونا وحرب أوكرانيا أصبح الاكتفاء الذاتي من الأغذية الرئيسية هو مسألة حياة أو موت للشعوب. لا خيار لدينا دول وشعوب الخليج غير استثمار ما وهبنا الله من ثروات نفطية في تأمين مستقبل الأجيال الحالية والقادمة من الغذاء أضعف الإيمان فإن كنا «شفطنا» آخر نقطة نفط لنترك لهم شيئا يأكلونه ويعتاشون عليه ولا يهلكون من الجوع حين ينفد النفط ولا يجدون ما يشترون به قوت يومهم.
٭ نقطة أخيرة: الدور الأكبر على أمانة مجلس التعاون الخليجي ولأمينه العام الدكتور نايف الحجرف ليبادر في تنسيق جهود دول الخليج كافة نحو اكتفاء ذاتي في إنتاج الغذاء.
ghunaimalzu3by@