ككل الدول والمجتمعات لدينا الكثير من العوائق والنقوصات والمشاكل المصطنعة وغير المصطنعة، وككل الشعوب في هذه الأرض لدينا أوجه قصور وتقصير بعضه متعمّد وبعضه غير متعمّد شأننا في ذلك شأن الآخرين.
لكننا لو استطعنا جدلاً التعامل والتعايش مع كل هذه الإشكالات والمشكلات، فإننا لا نستطيع أن نتعايش ونتعامل مع أن يكون بين ظهرانينا فئة من البشر علاوة على معاناتهم اليومية والحقوقية والإنسانية والسياسية يعانون أيضا معاناة أستطيع تسميتها مجازيا بالمعاناة (النخبوية)، وهي معاناة من نوع آخر أشد حجماً وألماً عن المعاناة آنفات الذكر معاناة أساسية، مرتبطة بشكل رئيسي بالهوية والولاء والانتماء وبفضلها هذه الفئة ترزح تحت حالة أسميتها «متاهات التسميات»!
لقد مرت تسميات هذه الفئة بمراحل متعددة تغير فيها معنى مصدر التسمية إلى معان أخرى، ومنها ما ليس له أصل قانوني ومنها (ما درج عليه شعبيا) فقط.
***
فتجد أن هذه الفئة من البشر «البدون» في سجلات وأدبيات المنظمات الدولية تحمل اسم «عديمي الجنسية»، وهذا المسمى ذو دلالات لغوية معينة ويترتب عليه أيضا التزامات وإلزامات قانونية محددة.
وفقاً للتعريف القانوني الدولي، فإن الشخص ديم الجنسية هو الشخص الذي لا تعتبره أي دولة مواطنا فيها بمقتضى تشريعها ويعني ذلك بعبارة بسيطة، أن الشخص عديم الجنسية لا يحمل جنسية أي بلد.
وقد يولد بعض الأشخاص وهم عديمو الجنسية، لكن البعض الآخر قد يتحول إلى عديم الجنسية.
ويمكن أن يحدث انعدام الجنسية لعدة أسباب، منها التمييز ضد مجموعات إثنية، أو على أساس نوع الجنس أو بسبب نشوء دول جديدة ونقل ملكية الأراضي بين الدول القائمة أو بسبب ثغرات في قوانين الجنسية.
***
وفي بعض اللجان البرلمانية غير الدائمة والمختصة بـ «البدون» تجدهم يحملون اسم «غير محددي الجنسية»، وهذا يفتح قوس «به علامات استفهام وموجبات لغوية وقانونية».
طبعاً حكومة الكويت تتحفظ على هذا المسمى بحجة انه يلصق بها صفة التمييز العنصري دوليا ويضغط عليها لتجنيسهم، ولأنه من واجب أي دولة تحديد جنسية كل من يقيم في إقليمها أو تجنيسه إن كان لا يملك جنسية.
لذلك نجدهم في سجلات وأبجديات الحكومة ومن خلال جهازها المركزي يحملون مسمى «مقيمين بصورة غير قانونية»، وهذا المسمى أيضا يحمل دلالات لغوية وقانونية مغايرة للمسمى الذي سبقه من حيث الالتزام والإلزام ويطرح أسئلة أمنية كبيرة وخطيرة!
***
بينما أنهم لدى المجتمع الكويتي ولدى أفراد ومجتمع هذه الفئة ذاتها يحملون اسم «الكويتيين البدون جنسية»، وهذا المسمى له عدة أبعاد ويحمل في طياته الوضع الاجتماعي العرفي والتعارفي وأوضاع حقوقية وإنسانية وسياسية محددة ويحدد شكل ووضع قانوني واضح وتصور كامل وشامل بالنسبة لهم.
***
لذلك، ومن خلال ما سلف، أعتقد أنه وقبل الشروع في محاولة حلحلة تراكمات هذه القضية التاريخية الشائكة، يجب ابتداء تفكيك كل التعتيم والكلام المرسل حول هذه القضية وتوحيد المسميات والتصورات حتى نصل إلى توحيد الإيمان بصدقية هذه القضية ومصداقية أصحابها، ثم يجب الإيمان بالقضاء وما تملكه الدولة من بيانات ويجب توافر النوايا الصادقة وتغليب المصلحة العليا للبلاد والعباد.
***
أخيراً.. يجب توافر «حد أعلى» من الإنسانية والنزاهة لكل من يتعاطى مع هذه القضية.
[email protected]
hammad_alnomsy@