ودع آلاف الفلسطينيين أمس الصحافية شيرين أبو عاقلة، التي اغتالتها رصاصات الغدر الاسرائيلية، في رام الله قبل نقله إلى مسقط رأسها في بلدة «بيت حانينا»، ليصلى عليها اليوم الجمعة في كنيسة بالقدس المحتلة، وتدفن في مقبرة جبل صهيون إلى جانب والديها.
وشارك مسؤولون فلسطينيون وممثلون عن الفصائل وديبلوماسيون أجانب ومواطنون في المراسم الرسمية التي أقيمت في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله.
وسجي جثمان ابو عاقلة في مقر الرئاسة وتمت تغطيته بقماش باللون الأحمر القاني، قبل أن يعزف حرس الشرف الرئاسي النشيد الوطني الفلسطيني، وأن يمنحها الرئيس محمود عباس وسام «نجمة القدس»، وهو أحد أرفع الأوسمة التي تمنحها السلطة الفلسطينية لشخصيات بارزة.
وبعد أن وضع إكليلا من الزهور على جثمانها، حمل عباس «سلطات الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية قتلها بشكل كامل»، وقال «رفضنا ونرفض التحقيق المشترك مع السلطات الإسرائيلية، لأنها هي التي ارتكبت الجريمة، ولأننا لا نثق بهم»، مشيرا إلى عزم السلطة الفلسطينية التوجه «فورا إلى المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة المجرمين».
وكان رجل دين مسيحي صلى في وقت سابق على جثمانها في المستشفى الاستشاري في شمال رام الله أمس، وكان رأسها ملفوفا بالكوفية الفلسطينية، بينما لف جسدها بعلم فلسطيني ووضعت عليه الورود ومايكرفون قناة «الجزيرة».
وعلى طول نحو ثمانية كيلومترات بين المستشفى ومقر المقاطعة، توزع الناس على جوانب الشوارع لتوديع شيرين، وألقى بعضهم الورود نحو المركبة العسكرية التي نقلت الجثمان بينما حمل آخرون العلم الفلسطيني.
وقال شقيقها أنطون
أبو عاقلة لوكالة «فرانس برس»، إن شيرين «كانت بنت فلسطين وشقيقة كل فلسطيني وكل عربي». وأضاف «لا يمكن السكوت عن ما حصل».
وعدد الرئيس الفلسطيني في كلمة خلال مراسم التشييع مناقب الصحافية، قائلا إنها «كانت صوتا صادقا ووطنيا» و«شهيدة فلسطين وشهيدة القدس وشهيدة الحقيقة والكلمة الحرة ورمزا للمرأة الفلسطينية والإعلامية المناضلة»، وقال «رفضنا ونرفض التحقيق المشترك مع السلطات الإسرائيلية لأنها هي من ارتكبت الجريمة ولأننا لا نثق بها وسنذهب فورا إلى المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة المجرمين».
ولفت الرئيس الفلسطيني إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يرتكب اليوم الجرائم في مسافر يطا وغيرها من الجرائم في إشارة إلى قرار هدم 12 تجمعا وقرية في تلك المنطقة التي تقع جنوب الضفة الغربية وتحويلها الى منطقة تدريبات لجيش الاحتلال، موضحا أن «هذا الأمر سيضع قرارات المجلس المركزي موضع التنفيذ».
وكان المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية قد اتخذ قرارات في جلسات سابقة من أبرزها تعليق الاعتراف بإسرائيل لحين اعترافها بدولة فلسطين ووقف التنسيق الأمني بأشكاله المختلفة.
وكان لخبر مقتلها وقع شديد على كل من عرفها واعتاد متابعة تقاريرها على مدار أكثر من عقدين سواء في الأراضي الفلسطينية أو الشرق الأوسط أو حتى في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية التي تحمل جنسيتها.
وأعلنت بلدية رام الله عزمها إطلاق اسم «الشهيدة على أحد شوارع مدينة رام الله».
وأكد مدير معهد الطب العدلي في مستشفى جامعة النجاح في نابلس ريان العلي، أن أبو عاقلة قتلت «بسلاح ذي سرعة عالية جدا».
وقال العلي بعد الانتهاء من المرحلة الأولى من معاينة الجثمان، إنه يتحفظ على «مقذوف مشوه تسبب في تهتك كامل بالدماغ وعظام الجمجمة»، مؤكدا أن «الرصاصة كانت قاتلة بشكل مباشر».
لكن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أكد «الحاجة إلى أدلة جنائية» من الفلسطينيين بما في ذلك الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ في تغريدة على «تويتر»: «طلبت إسرائيل تحقيقا مشتركا وتسليمها الرصاصة التي اغتالت الصحافية شيرين ورفضنا ذلك»، على اعتبار أن كل «المؤشرات والدلائل والشهود تؤكد اغتيالها من وحدات خاصة إسرائيلية».
وأضاف «أكدنا على استكمال تحقيقنا بشكل مستقل وسنطلع عائلتها وأميركا وقطر وكل الجهات الرسمية والشعبية على نتائج التحقيق بشفافية عالية».
ودعت مجموعة الدول العربية في الأمم المتحدة، إلى «تحقيق دولي مستقل»، وفقا لما أعلن سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور.