لا تزال الولايات المتحدة تعيش صدمة المجزرة التي راح ضحيتها 19 تلميذا وبالغين اثنين على يد مراهق لم يتجاوز 18 عاما، والتي أعادت من جديد الجدل حول السلاح المتفلت والذي يشكل نقطة خلافية كبيرة بين الجمهوريين والديموقراطيين.
وشدد الرئيس الأميركي جو بايدن الذي بدا عليه التأثر في كلمة رسمية في البيت الأبيض على انه «حان الوقت لتحويل الألم إلى تحرك». وسأل «متى، حبا بالله، سنقف بوجه لوبي الأسلحة؟» وأضاف «أنا مشمئز وتعب» من حوادث إطلاق النار المتكررة في الأوساط المدرسية.
وفي انتقاد لاذع لصناع السلاح الذين يتهم العديد منهم انهم يمولون بعض الحملات الانتخابية لنواب جمهوريين خصوصا، قال بايدن: «لقد أمضى مصنعو السلاح عقدين من الزمن في تسويق الأسلحة الهجومية بقوة، ليحققوا أعظم وأكبر ربح. علينا أن نتحلى بالشجاعة للوقوف في وجه تلك الصناعة».
وكان حاكم ولاية تكساس الجمهوري غريغ أبوت قال في مؤتمر صحافي إن المهاجم سالفادور راموس «أطلق النار وقتل الضحايا بشكل مروع ومجنون» في مدرسة روب الابتدائية ومعظم تلاميذها دون العاشرة، في بلدة يوفالدي غرب سان انطونيو، قبل ان ترديه الشرطة قتيلا.
وكشفت شهادات مقربين من راموس، عن طفولة بائسة حيث كان يتعرض للتنمر من زملائه وعاش في أجواء عائلية مضطربة.
وبحسب صحيفة واشنطن بوست «فإنه تعرض للتنمر بسبب إعاقة في الكلام في مرحلة الطفولة، وأنه كان يعيش حياة منزلية مشحونة مع والدته مدمنة المخدرات وكان يتصرف بعنف مع زملائه والغرباء.
وقال سانتوس فالدي الذي يعرف راموس منذ المرحلة الابتدائية انه كان يقود سيارته مع صديق آخر في الليل أحيانا ويلقي البيض على السيارات.
وذكر أنه لاحظ ذات مرة وجود خدوش على وجهه، فأخبره راموس بأنه «قطع وجهه بالسكاكين» بعد أن زعم في البداية أنها مجرد خدوش من هرة.
أما ستيفن غارسيا، صديقه في المدرسة الثانوية، فقال إن سلفادور تعرض للتنمر الشديد من عدد كبير من زملائه أثناء اللعب أو على وسائل التواصل، ويتذكر أنه عندما وضع كحلا أسود على عينيه ذات مرة، تعرض لإهانة شديدة.
وبدا وكأن سلفادور راموس يشعر بالامتعاض من تصرفات زملائه، وساءت حالته وبدأ يرتدي ملابس سوداء بالكامل، وأحذية عسكرية ضخمة، ونما شعره طويلا.
وأكدت ابنة عمه، ميا، أنه كان يتعرض لسخرية شديدة من زملائه بسبب تلعثمه في الكلام، وكان يتعارك بالأيدي معهم، الأمر الذي جعله أكثر انطواء.
وتقول ناديا رييس، زميلته في المدرسة الثانوية، إنه قبل شهرين نشر عبر إنستغرام مقطع فيديو له أثناء مشاجرة مع والدته، التي قال إنها حاولت طرده من المنزل.
وأمر البيت البيض بتنكيس الأعلام في كل الإدارات الرسمية «تكريما لضحايا» يوفالدي.
ودعا كريس مورفي السناتور الديموقراطي عن تلك الولاية الواقعة في شمال شرق الولايات المتحدة زملاءه إلى التحرك مؤكدا انه «يمكن تجنب» هذه المآسي.
وقال «ما من بلد آخر يفكر فيه الأطفال عندما يتوجهون إلى المدرسة أنهم قد يتعرضون لإطلاق نار».
من جهتها، نددت رئيسة مجلس النواب الأميركي الديموقراطية نانسي بيلوسي في بيان بهذا العمل «المقيت الذي سلب مستقبل أطفال أحباء. ما من كلام يصف الألم أمام هذه المجزرة التي ارتكبت بدم بارد وذهب ضحيتها تلاميذ صغار ومدرس».
وتشهد الولايات المتحدة عمليات إطلاق نار شبه يومية وتسجل المدن الكبرى على غرار نيويورك وشيكاغو وميامي وسان فرانسيسكو ارتفاعا لمعدل الجرائم التي ترتكب بواسطة أسلحة نارية، خصوصا منذ بدء جائحة كورونا.
وأوقعت عمليات إطلاق نارفي تكساس وحدها خلال السنوات الخمس الفائتة 85 قتيلا بين مصلين داخل كنيسة ومتسوقين في وول مارت وطلاب مدرسة، وسائقين على طريق سريع.
ولكن أثبتت تكساس وحكومة الولاية التي يسيطر عليها الجمهوريون، أن لاشيء سيتغير بعد ذلك، ولن يتم «الحد من الوصول إلى الأسلحة»، وفقا لأسوشيتد برس. ومن غير المرجح أن يتبنى المشرعون أي قيود جديدة على الأسلحة.
وقال السناتور رولان غوتيريز، وهو ديموقراطي في منطقته التي تضم أوفالدي: «لا يمكنني أن ألتف حول الأمر (...) إنه أمر مزعج بالنسبة لنا كصناع سياسات، إننا لم نتمكن من فعل الكثير بخلاف توفير وصول أكبر إلى هذه الأسلحة العسكرية لأي شخص يريدها».
وقد تلقى الرئيس الاميركي تعازي من معظم زعماء العالم، حيث عبر الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير عن صدمته. وكتب شتاينماير في برقية عزاء بعث بها إلى نظيره الأميركي أمس: «لقد أذهلني الموت القاسي للأطفال العزل المليئين بحب الجديد وبهجة الحياة في مقتبل العمر».
كما قدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعازيه، وكتب في تغريدة على تويتر: «نشارك الشعب الأميركي الشعور بالصدمة والحزن، وغضب الذين يناضلون لإنهاء العنف». ووصف الهجوم بـ«الجبان».