رغم التحذيرات الدولية من تدهور الأوضاع في الأراضي المحتلة ومخاوف من تجدد اندلاع الحرب، اقتحم متطرفون يهود مدينة القدس المحتلة من باب العمود أمس، بحماية قوات الاحتلال، رافعين الأعلام الإسرائيلية، لإحياء ذكرى استكمال احتلال العاصمة المقدسة وما يسمونه ذكرى «توحيد القدس».
وأصــــيـــــب عشرات الفلسطينيين في اعتداءات لقوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين في القدس المحتلة، بالتزامن مع انطلاق ما سمي بـ«مسيرة الأعلام» التهويدية الاستفزازية.
وأفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في القدس بأن طواقمه تعاملت مع 24 إصابة بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط والاعتداء بالضرب ورش غاز الفلفل داخل البلدة القديمة، حيث تم نقل 8 إصابات للمستشفى، وجرى علاج باقي الإصابات ميدانيا.
وأضافت أن شرطة الاحتلال اعتدت بالضرب على طواقمها في محيط باب العامود، خلال محاولتهم الوصول لإحدى الإصابات.
وأشارت إلى أنها فتحت مستشفى ميدانيا في مركز الإسعاف بحي الصوانة للتعامل مع الإصابات.
وخرجت مسيرة للأعلام الفلسطينية في القدس المحتلة، ردا على «مسيرة الأعلام» التهويدية التي نظمها المستوطنون المتطرفون، ونقلت وكالة الأنباء «وفا» عن مصادر محلية بأن عشرات الفلسطينيين خرجوا بمسيرة للأعلام الفلسطينية في شارع صلاح الدين بالقدس المحتلة. واعتدى مستوطنون على الطواقم الصحافية التي تغطي المسيرة.
ونصبت قوات الاحتلال السواتر الحديدية في منطقة باب العامود، وانتشرت قواتها في أحياء مدينة القدس المحتلة بشكل مكثف، وأفرغت محيط منطقة باب العامود من وجود الفلسطينيين لتأمين «مسيرة الأعلام» واعتقلت العشرات في المنطقة ومن داخل أحياء البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك.
وقبل ساعات من الموعد المقرر لانطلاق المسيرة، منعت الشرطة خروج بعض الفلسطينيين من المسجد الأقصى مع وصول متطرفين يهود إلى المجمع. وألقى فلسطينيون حجارة وأطلقوا الألعاب النارية باتجاه الشرطة التي ردت بقنابل الصوت.
وكان من بين الزوار اليهود نحو 10 شبان يرتدون زيا دينيا بينما راحوا يضحكون ويغنون ويصفقون في مواجهة المحتجين. وشوهد يهود آخرون في وقت لاحق وهم يرفعون الأعلام ويرددون النشيد الإسرائيلي.
ونددت حركة «حماس»، باللقطات المصورة التي نشرت على الإنترنت والتي تشير إلى صلاة اليهود في الموقع، في انتهاك لحظر طويل الأمد.
وقال باسم نعيم المسؤول البارز في حركة حماس لـ «رويترز»: «الحكومـــــــة الإســرائيلية مسؤولة مسؤولية كاملة عن كل هذه السياسات غير المسؤولة والعواقب التالية».
وانتشر آلاف من شرطة الاحتلال والأجهزة الأمنية في القدس قبل ساعات من بدء المسيرة. وقالت الشرطة الإسرائيلية في بيان إنها نشرت 3000 من عناصرها لتأمين المسيرة، كما وضعت الحواجز لمنع حدوث احتكاك بين المشاركين في المسيرة والفلسطينيين.
وكانت أعداد من المستوطنين المتطرفين وصلت باكرا إلى المسجد ومحيطه يتقدمهم عضو الكنيست الإسرائيلي من حزب الصهيونية الدينية (هتسيونوت هدتيت) إيتمار بن غفير ودخل عشرات منهم الباحة الخارجية للمسجد الأقصى من جهة باب المغاربة بحراسة شرطية مشددة.
وأوضحت المصادر أن الشرطة أغلقت المصلى القبلي وحاصرت المصلين في وقت اعتقلت فيه عدة شبان فلسطينيين فيما اعتلى أفراد الشرطة الأسوار.
وأظهرت مقاطع فيديو مصورة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي قيام عدد من المستوطنين برفع العلم الإسرائيلي وأداء صلوات دينية داخل المسجد الأقصى.
وقال مستشار محافظ القدس للشؤون الإعلامية معروف الرفاعي في تصريح لكونا ان المستوطنين أدوا طقوسا تلمودية وسجدوا على الأرض على مرأى قوات الاحتلال التي تدعي انها تمنعهم من ممارسة هذه الطقوس كما رفع بعضهم الأعلام الإسرائيلية.
ودانت وزارة الخارجية الفلسطينية اقتحام الأقصى وأداء المقتحمين صلوات تلمودية بما في ذلك ما يسمى «السجود الملحمي» دون تدخل من قبل قوات الاحتلال التي توفر لهم الحماية وتقمع المصلين واعتبرتها «دعوة إسرائيلية رسمية صريحة الى الصراع الديني».
وقالت الوزارة في بيان: «هذا يكشف مجددا تورط الاحتلال في الاقتحامات والصلوات والسماح بها كتغيير حاسم في الوضع القائم بما يكذب ادعاءات المسـتــــوى السيـاســـي الإسرائيلي بشأن حرصه على الوضع القائم وعدم تغييره».
وقد استبق المسؤولون الإسرائيليون المسـيــرة الاستفـــزازيـــة، أمـــس بتصريحات نارية زادت من حدة الاحتقان، حيث أكد رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينت أن القدس «الموحدة» ستبقى العاصمة الأبدية لإسرائيل فيما اقتحم سلفه بنيامين نتنياهو حائط «البراق» ليؤدي طقوسا تلمودية استفزازية.
كما قام عشرات المستوطنين المتطرفين باقتحام المسجد الأقصى المبارك بحماية شرطة الاحتلال التي قامت بالاعتداء على فلسطينيين متحصنين داخل المسجد.
وقال بينيت ان «التلويح بالعلم الإسرائيلي في عاصمة إسرائيل مقبول تماما» إشارة إلى المسيرة.
في المقابل، أكد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة، ردا على تصريحات بينيت، التي ادعى فيها «ان القدس ستبقى مدينة موحدة»، أن مدينة القدس الشرقية بمقدساتها الإسلامية والمسيحية، ستبقى العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، حسب قرارات الشرعية الدولية، والقانون الدولي.
وأضـــاف أبوردينـــة، أنه لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار في منطقتنا، ما دامت إسرائيل تواصل حربها على شعبنا وأرضه ومقدساته، وتتعامل كدولة فوق القانون، وترفض قرارات الشرعية الدولية والأسس التي قامت عليها عملية السلام، ولا تلتزم بها.
وحذر من أن «إسرائيل تلعب بالنار بلا مسؤولية وبتهور شديد، من خلال السـمـــــاح للمستوطنين بتدنيس المقدسات في القدس المحتلة وتصعيد عمليات القتل».
أصداء المسيرة الاستفزازية ترددت في قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية، حيث نظمت الفصائل الفلسطينية عددا من الوقفات الاحتجاجية، في مناطق مختلفة من القطاع.
ورفع المشاركون في هذه الوقفات، الأعلام الفلسطينية، إلى جانب لافتات كتب على بعضها «مقدساتنا الإسلامية والمسيحية خط أحمر»، و«الأقصى وما فيه مقدسات إسلامية خالصة».
كما عبر المشاركون، عن غضبهم إزاء، اقتحام عشرات المستوطنين، الأقصى، ورفع بعضهم للعلم الإسرائيلي هناك.
وتزامنا مع المسيرة حلقت طائرات حربية إسرائيلية على ارتفاع منخفض في سماء قطاع غزة، على ما أفادت قناة «الجزيرة».