تأهبت بغداد لمظاهرات تنظمها جماعات سياسية متناحرة مرتبطة بفصائل مدججة بالسلاح، ما أثار مخاوف من اندلاع اشتباكات مع تصاعد التوتر بشأن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، حيث وضعت القوات الأمنية في حالة استنفار.
ودعا التيار الصدري أتباعه الى التظاهر في عموم المحافظات العراقية باستثناء محافظة النجف دعما للمعتصمين منهم داخل مجلس النواب ببغداد في الوقت الذي خرج فيه مؤيدو «الإطار التنسيقي» في مظاهرات مضادة في محيط المنطقة الخضراء، فيما أخفقت مبادرات تطويق الأزمة بين الطرفين ولم تجد دعوات التهدئة آذانا مصغية حتى الآن.
فقد واصل أنصار التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر اعتصامهم المفتوح في البرلمان بالمنطقة الخضراء شديدة التحصين ببغداد، لليوم الثالث على التوالي، فيما دعت قوى (الإطار التنسيقي) الشيعي التي تشكل الخصم السياسي الرئيسي للصدر إلى احتجاجات مضادة بالقرب من مكان اعتصام الصدريين، قائلا إن ذلك يهدف «إلى حماية مؤسسات الدولة من الاضطرابات الأهلية».
ودعا صالح محمد العراقي، صاحب حساب «وزير القائد» على «تلغرام» والمقرب من الصدر، أتباع التيار للخروج في مظاهرات احتجاجية كلا بحسب محافظته لدعم مطالب الاعتصام الشعبي داخل البرلمان.
واستثنى «وزير الصدر» في بيان صحافي جماهير محافظة النجف من الخروج في هذه المظاهرات.
من جهة أخرى، وصف «وزير التيار الصدري» رئيس ائتلاف «دولة القانون» نور المالكي بأنه «سبايكر مان»، في إشارة إلى مسؤوليته عن «مجزرة سبايكر» التي نفذها «داعش» في 12 يونيو عام 2014 عندما كان رئيسا للوزراء حينها، وراح ضحيتها قرابة ألفي طالب في كلية القوة الجوية بالقاعدة العسكرية «سبايكر» في مدينة تكريت.
وقال العراقي في بيان نشره عبر حسابه في «فيسبوك» إن قبول التيار الصدري للحوار الذي دعا إليه زعيم تحالف «الفتح» هادي العامري مشروط «باستنكار صريح» لتسريبات منسوبة الى المالكي، اضافة الى انسحاب العامري وكتلته من «الإطار التنسيقي».
وأطلق رئيس تحالف الفتح هادي العامري في وقت سابق من امس تغريدة لتطويق الأزمة ومعالجتها قبل انفلات الأمور على حد وصفه.
وقال العامري «في أجواء التصعيد الإعلامي من خلال البيانات والبيانات المضادة والتي تدعو الى الحشد الجماهيري وقد تخرج عن السيطرة وتفضي الى العنف أكرر ندائي مخلصا الى الإخوة في التيار الصدري والى الإخوة في الاطار التنسيقي ان يغلبوا منطق العقل والحكمة وضبط النفس». وفي السياق وصل مؤيدو «الإطار التنسيقي» الى محيط المنطقة الخضراء وسط بغداد استجابة لدعوة اللجنة التنظيمية لما يسمى بـ«دعم الشرعية والحفاظ على مؤسسات الدولة» والمنبثقة عن «الإطار التنسيقي».
وأقيمت مظاهرات مؤيدي «الإطار» خارج أسوار المنطقة الخضراء عند بوابة الجسر المعلق في ظل إجراءات أمنية مشددة، وانتشار كثيف للقوات الأمنية العراقية وقوات حفظ النظام. وحمل المتظاهرون أعلام العراق ورايات ملونة ورددوا شعارات منددة بقيام أتباع الصدر باقتحام المباني الحكومية داخل المنطقة الخضراء الحكومية، وطالبوا بضرورة حفظ شرعية الدولة والنظام العام في البلاد. ونصبوا الخيام فيما يؤذن بمواجهة طويلة.
واستخدمت القوات المسلحة العراقية خراطيم المياه لمنع اقتراب المتظاهرين من الحواجز الاسمنتية والأسلاك الشائكة المحيطة بالبوابة الجنوبية للمنطقة الخضراء.
ودعت القوات العراقية عبر مكبرات الصوت المتظاهرين إلى عدم الاحتكاك بالقوات الأمنية المكلفة بحمايتهم بعد أن حاول عدد منهم تسلق الكتل الاسمنتية وإسقاطها وتدمير الحواجز الحديدية لدخول المنطقة الخضراء.
ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي العراقية تأكيدات مناصري «الإطار التنسيقي» ان احتجاجات أنصارهم «ليست موجهة ضد شخص أو فئة». الى ذلك، دعا ائتلاف «الوطنية» إلى عقد مؤتمر للحوار الوطني بين القوى السياسية للاتفاق على خيارات مقبولة إما بالمضي في عقد جلسة مجلس النواب لاختيار رئيس للجمهورية ومن ثم تشكيل الحكومة، أو الاتجاه إلى حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة، على أن يسبقها إقرار قانون انتخابي جديد ومفوضية مستقلة، مع تحول الحكومة الحالية إلى حكومة انتقالية تمتلك صلاحيات تشريعية بشكل مؤقت.
وأعرب الائتلاف في بيان امس عن استعداده الكامل لاستضافة جلسات الحوار الوطني ورعايته ودعمه في أي مكان يتم الاتفاق عليه، وذلك نظرا للعلاقات الجيدة التي تربط الائتلاف مع جميع الأطراف وخاصة الإطار التنسيقي والتيار الصدري.