بعد الإقبال المتوسط لفيلم «The Predator» الذي صدر في 2018، يعود المخرج دان تراكتنبيرغ بالسلسلة إلى الوراء مع فيلم «Prey»، إلى الوراء كثيرا وصولا للأساسيات، حيث تدور أحداث الفيلم قبل أكثر من 250 عاما من أول لقاء بين «داتش» والوحش المرعب، نرى في «Prey» أن الوحش المفترس «Predator» (داين ديلييغرو) يهبط وسط شعب الكومانشي من أجل مطاردة غارقة بالدماء.
إنه إطار مثير للفضول، أن تأخذ شريرا رأيناه لأول مرة يقوم بتمزيق مجموعة من الأشخاص المدججين بالبنادق والمتفجرات بالكامل ونقله إلى زمن لا تمتلك فيه أهدافه تلك الأدوات للاعتماد عليها، لكنكم ستكونون مخطئين لو قللتم من شأن حظوظ الكومانشي.
يتبع «Prey» معركة من أجل بقاء القبيلة من خلال معركة تمزيق سريعة الخطى لا تترك أحدا حيا عبر منطقة غرايت بلاينز وفي نفس الوقت يقوم بتكريم جذور السلسلة، كما يمثل نقطة دخول مثالية للقادمين الجدد الذين يرغبون في رؤية ما هي كل تلك الضجة حول ذلك الوحش الذي يقوم بتمزيق الأعمدة الفقرية والموجه بالليزر.
في قلب صراع الكومانشي مع المفترس توجد نارو (أمبر ميدثاندر)، وهي فتاة مراهقة سخرت منها عائلتها وأقرانها لأنها لا تريد الاكتفاء بحصاد المحاصيل لبقية حياتها، إنها مثل والدها المحارب، مقاتلة في قلبها وتعتزم إكمال طقوس مرور صيادي الكومانشي، وهي أن تصطاد شيئا يطاردها، ولكن حتى شقيقها تابايه (داكوتا بيفرز) الذي يقود صيادي كومانشي، لا يعتقد أن ذلك ممكنا.
تتم السخرية من «نارو» على مدار الفيلم، خاصة من قبل الأشخاص المحيطين بها الذين يستمرون بتجاهل مهاراتها الواضحة، وهذا الإحباط هو ما يغذي شخصيتها، وتعتبر معركة «نارو» لكي تؤخذ على محمل الجد كمحاربة من قبل قبيلتها حبكة قوية، وهذا أمر جيد لأن قصتها هي الوحيدة التي يأخذ السيناريو وقتا طويلا للتركيز عليها.
قدمت أفلام «Predator» السابقة مواد رائعة من التفاعل بين الشخصيات التي تتواجه مع الصياد الفضائي، واختيار «Prey» التركيز على «نارو» مع استبعاد أي شخص آخر يعني أن الشخصيات الداعمة تفتقر للعمق قليلا.
مع انطلاق قصة «نارو»، ينسج المخرج مشاهد للمفترس وهو يشق طريقه صعودا في السلسلة الغذائية، والتي تؤدي وظيفة مزدوجة، فهي تظهر قوته وتفوقه التكنولوجي، بينما تزيد من حدة التوتر في الفترة التي تسبق أول مواجهة له وجها لوجه مع محاربة الكومانشي اليافعة، وخلال هذه اللقطات يبدأ الفيلم برسم الفروقات بين أساليب صيد «نارو» والمفترس، حيث يوفر اعتماد المفترس على تقنياته تلميحا حول كيفية التغلب عليه، ومن ناحية أخرى يبذل «تراكتنبيرغ» قصارى جهده لتسليط الضوء على سلاح «نارو» السري وهو التفكير النقدي. وسواء كان ذلك في شجار مع الأولاد في قبيلتها أو لأنها تختبئ من المفترس وهو يشق طريقه عبر السهول، فإن «نارو» دائما ما تستمع وتلاحظ، وتستخدم الخسارة أو الانتكاسة كفرصة للتعلم. يعتبر هذا جانبا حاسما للشخصية ويتم إيصاله بشكل جيد، والذي بالنظر إلى أن المفترس يتفوق عليها بشكل كبير من ناحية المعارك الفردية، يشدد على أن «نارو» هي الشخص الوحيد القادر على إيقاف المفترس.
يركز «Prey» في جزء كبير منه على «نارو»، ويضعها في مركز كل مشهد تقريبا، وتواكب النجمة ميدثاندر بشكل رائع وتيرة الآكشن السريعة أثناء تعرضها بشكل مستمر للتقليل من شأنها، ما يجعل لحظات النصر التي تتوصل إليها أكثر تأثيرا.
تمتلك «نارو» شخصية تتسم بالقوة والتصميم والقدرة، وهي إضافة ممتازة إلى عالم أبطال الخيال العلمي، وذاك الفأس المربوط بالحبل الذي تلوح به بالأرجاء بأسلوب «سكوربيون» في «Mortal Combat» سيكون مصدر إلهام للكثير من أزياء الكوسبلاي للسنوات القادمة.
ينقسم أسلوب هجمات المفترس إلى قسمين، الأول هجمات سريعة ومحفوفة بالمخاطر والتي يغطيها «تراكتنبيرغ» بشكل رائع (هناك مشهد قتالي رائع بلقطة مستمرة عليكم ترقبه)، وبين لعبة القط والفأر الطويلة والبطيئة والشبيهة بمباراة الشطرنج بين الأشجار، يبرع فيلم «Prey» في طريقة تنفيذ هذه الأساليب المختلفة، وحتى عندما تبدو الحبكة بأنها تسير على الطيار الآلي، فإن الطريقة التي تتعامل بها «نارو» مع أعدائها تبدو خطيرة وغير قابلة للتنبؤ، ويبرع «تراكتنبيرغ» بجعل أكثر عمليات القتل وحشية ودموية التي ينفذها المفترس بعيدة عن الكومانشي ويركزها على الأعداء الآخرين في القصة الذين يمتلكون أسلحة «عصرية» أكثر.
يمتلك المفترس أفضلية هائلة، وبالنظر إلى أن «Prey» يقدم منصة نادرة لفيلم ضخم حول ثقافة السكان الأصليين، فهو لا يبالغ بقتل الكومانشي غير المسلحين نسبيا، وبالرغم من أن المفترس لا يوفر أحدا، إلا أن «تراكتنبيرغ» يصور حالات قتلهم بعين حكيمة، ويجعلها أكثر كرامة من موت بقية الشخصيات.
جدير بالذكر أن «Prey» من الأفلام القليلة بل والنادرة التي تخلو تماما من الحشو.