زكي عثمان
وصلت قصة «أسطورة» تنس السيدات سيرينا وليامس إلى ختامها، بعد أن ودعت بطولة أميركا المفتوحة من دورها الثالث.. قد يكون هذا العنوان الأبرز في وسائل الإعلام العالمية خلال الـ 72 ساعة الماضية بعد انتهاء مسيرة 27 عاما من التألق لنجمة حققت العديد من الألقاب التي يصعب تحقيقها على المدى القصر في رياضة ينظر إليها البعض على أنها «الأصعب».
سيرينا التي تعد أحد أبرز اللاعبين في تاريخ رياضة التنس على مستوى الرجال والسيدات، حققت 73 لقبا، منها 23 لقبا في البطولات الأربع الكبرى «غراند سلام» منها 7 ألقاب في ويمبلدون و7 في أستراليا المفتوحة و6 في بطولة أميركا المفتوحة و3 ألقاب في بطولة فرنسا «رولان غاروس» هذا بخلاف 4 ميداليات أولمبية والعشرات من البطولات الأخري.. وبذلك تحولت «الأميركية- الأفريقية» أيقونة في رياضة يهيمن عليها ذوو البشرة البيضاء بعزم قوي مثل «الطاقة» التي تولدها تسديداتها على أرض الملعب، وليكون ملعب «آرثر آش» الذي امتلأ بالجماهير التي أرادت مشاهدة سيرينا مرة أخيرة، ومن بينهم عدد من الشخصيات المعروفة لاسيما الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون والمخرج السينمائي سبايك لي ولاعب الغولف تايغر وودز، شاهدا على الوداع المؤثر للنجمة التي «حفرت» اسمها بأحرف من «نور».
سيرينا التي انتقلت من تعلم كرة المضرب في الملاعب العامة لأحد الأحياء الذي تسيطر عليه العصابات، لتصبح نجمة الأجيال وربما أعظم لاعبة في التاريخ بعد مسيرة مدججة بالألقاب.. كانت وشقيقتها فينوس (الفائزة بسبعة ألقاب كبرى)، المنتجتين المنفذتين لفيلم «الملك ريتشارد» (كينغ ريتشارد) الذي يروي قصة والدهما ريتشارد وليامس الذي علمهما كرة المضرب أثناء نشأتهما في شوارع كومبتون القاسية بولاية كاليفورنيا.
وتقول سيرينا بعد فوزها ببطولة الولايات المتحدة المفتوحة بالعام 2013: «ما زلت مجرد تلك الفتاة التي تحمل المضرب وتحلم وأنا ألعب من أجل ذلك».
وكانت بالفعل على قدر هذه الأحلام وتوجت بلقب كل من ويمبلدون وبطولة أستراليا المفتوحة 7 مرات، 3 ألقاب في رولان غاروس وستة في الولايات المتحدة، ووقفت على بعد لقب واحد من معادلة الرقم القياسي للبطولات الكبرى الذي تحمله الأسترالية مارغاريت كورت، وقد فازت بلقبها الأول الكبير في نيويورك عام 1999 في سن الـ 17 والأخير في 2017 في أستراليا عندما كانت حاملا بابنتها أولمبيا حيث أمضت 6 أسابيع بعد الولادة طريحة الفراش بعد انسداد رئوي، لكنها كافحت للعودة إلى الملاعب بعد 5 أشهر في منافسات الزوجي في كأس الاتحاد (كأس بيلي جين كينغ حاليا) الى جانب فينوس.
وأكملت سيرينا المتزوجة من أليكسيس أوهانيان مؤسس موقع «ريديت»، مرتين ما بات يعرف بـ«سيرينا سلام» أي الفوز بأربعة ألقاب كبرى تواليا وفعلت ذلك في 2002-2003 بدءا من بطولة فرنسا المفتوحة ومرة أخرى في 2014-2015 بدءا من بطولة الولايات المتحدة المفتوحة، وقد أتيحت لها فرصة لتحقيق البطولات الأربع الكبرى جميعها في عام واحد، لكنها منيت بمفاجأة بسقوطها أمام الإيطالية روبرتا فينتشي في نصف نهائي الولايات المتحدة المفتوحة 2015.
وقالت سيرينا: «لم أرد أبدا التركيز على الأرقام. بدأت لعب التنس ليس لأكون الأفضل ولكن فقط لأنه كان لدي مضرب وحلم. الآن يقول الناس إنني قد أكون (الأعظم)، لكن بالنسبة لي، لم أصل بعد».
وتابعت «لاعبات مثل كريس إيفرت ومارتينا نافراتيلوفا وشتيفي غراف، هن بالنسبة لي الأيقونات الأعظم في تاريخ تنس السيدات».
قالوا في وداع سيرينا
بعيداً عن كل الأرقام القياسية التي حققتها سيرينا، فالأميركية تملك شخصية محبوبة من المقربين ومن المنافسين، فهي نادرا ما تدخل في شجارات أو تلاسن لفظي مع أية لاعبة تلعب ضدها، ونادرا ما تسمع لاعبة تتحدث عنها بأسلوب سلبي، فهي محبوبة من الجماهير ومن اللاعبين على مدى 27 سنة، وقد استقبلت وسائل التواصل الاجتماعي سيلا جارفا من الرسائل التي أشاد من خلالها رياضيون سابقون وحاليون وآخرون ينتمون إلى مجالات أخرى بإنجازات سيرينا.
٭ السيدة الأميركية الأولى السابقة ميشيل أوباما: «تهانينا لسيرينا على المسيرة الرائعة.. لقد حالفنا الحظ كثيرا بمشاهدة فتاة شابة خلال فترات ترعرعها قبل أن تصبح واحدة من أعظم الرياضيين على مر التاريخ.
أنا فخورة بك يا صديقتي وأتوق لرؤية تأثيراتك على حياة الآخرين من خلال مواهبك».
٭ المصنفة الأولى عالميا سابقا بيلي جين كينج: «مسيرتها الاحترافية الهائلة كانت لها بصمة في تاريخ التنس رغم أن دورها الأعظم ربما لم يأت بعد.. شكرا سيرينا رحلتك تستمر».
٭ نجم السباحة الأميركي المعتزل مايكل فيليبس: «إنجازاتها على مستوى التنس تتحدث عن نفسها، وما يجعلني أشعر بالإعجاب بها أكثر إرادتها وقوتها وتصميمها، فهي ببساطة لا تيأس، وهي مثال يحتذى لنا جميعا».
٭ نجم الغولف تايغر وودز: «سيرينا أنت حرفيا الأعظم داخل الملعب وخارجه.. نشكرك على إلهامنا جميعا ومساعدتنا على تحقيق أحلامنا.. أحبك أيتها الشقيقة الصغرى».
مسيرة حافلة بالألقاب
٭ بدأت سيرينا وليامس رحلتها الاحترافية عام 1995، واستمرت حتى 2022، وحققت رقما خارقا بعدد الانتصارات (858) مقابل 154 خسارة فقط طوال 27 سنة، أي بمعدل 5.5 خسارات كل سنة، وهو معدل مرعب من الصعب أن تحققه أي لاعبة تنس أخرى حاليا، إذ إن نسبة انتصارات الأميركية هو 85%.
٭ حققت سيرينا خلال مسيرتها 73 لقبا في جميع البطولات التي شاركت فيها، ومن بينها 23 لقبا في البطولات الكبرى (الغراند سلام) على الشكل التالي: 7 ألقاب في بطولة أستراليا المفتوحة، 3 ألقاب في بطولة فرنسا المفتوحة، 7 ألقاب في بطولة ويمبلدون، و6 ألقاب في بطولة أميركا المفتوحة.
٭ في منافسات فئة الزوجي، حققت سيرينا 192 فوزا مقابل 34 خسارة فقط بنسبة انتصارات بلغت 85%، وحصدت في هذه الفئة لقب بطولة أستراليا المفتوحة 4 مرات، لقب فرنسا المفتوحة مرتين، 6 ألقاب في ويمبلدون ولقبين في بطولة أميركا المفتوحة.
٭ سيرينا هي رائدة في الألعاب الأولمبية أيضا، إذ حصدت الميدالية الذهبية في فئة الزوجي (أولمبياد سيدني، أولمبياد بكين وأولمبياد لندن)، بينما حصدتها في فئة الفردي في أولمبياد لندن 2012.
٭ تتقاسم سيرينا بقاءها على قمة التصنيف العالمي لـ186 أسبوعا متتاليا مع الألمانية شتيفي غراف، فيما احتلت صدارة التصنيف بشكل إجمالي 319 أسبوعا، وهو رقم لا يتفوق عليها فيه سوى شتيفي غراف والتشيكية مارتينا نافاراتيلوفا.
٭ بعد اعتزال سيرينا كشفت العديد من التقارير أن اللاعبة الأميركية حققت ثروة تقدر بـ270 مليون دولار، حيث قامت بعمل استثمارات قوية وتضم أعمالها 60 شركة.
مواقف من حياة سيرينا
٭ جلبت سيرينا أسلوبا وقوة في أدائها، وفي بعض الأحيان كانت ملابسها المميزة تصرف الانتباه عن جهودها المبهرة على أرض الملعب.
٭ حققت سيرينا آخر ألقابها الـ 73 في منافسات الفردي في دورة أوكلاند في يناير 2020، وهو لقبها الوحيد منذ أن أصبحت والدة.
٭ حصلت على 4 فرص لمعادلة الرقم القياسي لكورت لكنها خسرت المباراة النهائية في كل من ويمبلدون وأميركا المفتوحة عامي 2018 و2019.
٭ واجهت العديد من الصراعات والمعاناة، فقد قتلت شقيقتها من والدتها وأب آخر (ييتوند برايس) برصاصة في 2003 عن عمر يناهز 31 عاما على يد أحد أفراد العصابة في مسقط رأسهم في كومبتون وهي التي كانت المساعدة الشخصية لسيرينا.
٭ تعرضت لإصابة في قدمها بعد أن وطئت على زجاج مهشم في أحد المطاعم الألمانية بعد أيام من فوزها ببطولة ويمبلدون عام 2010، فاحتاجت إلى عمليتين جراحيتين وقضت 20 أسبوعا وهي ترتدي حذاء الجبيرة وهي حادثة اعتبرتها السبب في تعرضها لجلطات دموية في رئتيها عام 2011 هددت حياتها.
٭ نسبت سيرينا الفضل في نجاحها إلى عمل والدها وتمسكت به حتى بعد انفصال والديها، قائلة: «لم أكن لأفوز بلقب واحد دونه ودون دعمه. إنه مدرب رائع.
إنه مبتكر للغاية. لقد بنى أسلوبي وأسلوب شقيقتي. لقد أعطانا أسسا جيدة. لقد كانت صلبة ولم تكن ضعيفة، لذلك كنا دائما قادرتين على تطوير أدائنا».