الأمثال كما وصفها ابن عبد ربه في عقده الفريد، وشي الكلام، وجوهر اللفظ وحلي المعاني وهي أبقى من الشعر وأشرف، وهذا المثل يعني خيبة الرجاء والأمل، مثل الدواء الذي لا فائدة منه في العلاج، والعودة بخفي حنين، فكلمة لا طبنا تعني لم نتشافَ، وغدا بمعنى ذهب، والمعنى الإجمالي أن الحالة على ما هي عليه لم تتغير.
وفي حياتنا اليومية تمر علينا أمور كثيرة منها ما هو معقول ومنها ما هو غير معقول، أما المعقول فنسلم له ونرضى به، وأما اللامعقول فنرفضه ولا نتقبله، والفرق بين الأول والثاني كبير، فالمعقول أصله العقل فهو ما يمكن تصوره وإدراكه وفهمه واستيعابه، واللامعقول على العكس من ذلك فهو ما لا يمكن تصوره وإدراكه وفهمه، والأحداث حولنا كثيرة فيها المعقول واللامعقول، فمن المعقول والمناسب والمفرح موافقة الحكومة على زيادة سقف رواتب المتقاعدين وربات البيوت، وبإذن الله تشمل الموظفين لتحسين الظروف المعيشية للناس، وخصوصا المتقاعدين وهم بالذات من أتحدث عنهم، ونحن مع هذه الزيادة، ومع كل ما يعود بالنفع على المواطن والمواطنة، مع الوفرة المالية للدولة، والشكر لله أولا ثم للحكومة ومجلس الأمة.
ولكن في الوقت نفسه من غير المعقول أن يوازي هذه الزيادة ارتفاع جنوني في الأسعار، كما حصل مع كل زيادة في السابق، لأنه في هذه الحالة لن تكون لهذه الزيادة فائدة وستشفط الزيادة جيوب المتقاعدين والموظفين وربات المنازل، وربما شفطت معها الزيادة السنوية، ويكون حال المتقاعد كقول القائل: كأنك يا بوزيد ما غزيت، أو لا طبنا ولاغدا الشر، وسنجد لسان حال المتقاعد خاصة يردد: لا أريد هذه الزيادة ولا بارك الله بزيادة أتت على أخضر الراتب ويابسه، هو وبقية شرائح المجتمع، ولكي تأتي الزيادة أكلها وتكتمل فرحة الشعب الكويتي فعلى حكومتنا الرشيدة قبل أن تعلن الزيادة ضبط الأسعار ضبطا محكما وبشكل سريع وحاسم، خاصة أننا رأينا زيادات مفتعلة وغير مقبولة ولا معقولة في سلع كثيرة لا تساوي قيمتها الحقيقية، وهذا الأمر منوط بحماية المستهلك في وزارة التجارة، وهم أهل ذلك، وعليهم مسؤولية كبيرة في هذا الصدد.
ولا نريد أن نتشاءم ونقول إن أضرار زيادة الرواتب أكثر من نفعها، وأيضا لا نريد تبريرات وحججا واهية لارتفاع الأسعار، فقد حفظنا الدرس، وباتت الأمور واضحة لنا، وقد لاحظنا تجاوز أسعار السلع في الفترة السابقة حدود المسموح والمقبول، ونحن هنا لا ننكر جهود الحكومة في هذا الجانب المهم، وسعيها لضبط الأسعار، فهي تراقب وتبذل جهدا في هذا الجانب، ولكننا نريد منها أن تضاعف جهودها، برقابة شديدة على أسعار السلع خاصة التي تهم حياة الأسرة بشكل يومي، وان تكثف حملاتها في الأسواق، حتى نقول لها خلاك ذم وبارك الله بجهودك، ودمتم سالمين.