بكل ألم يغزو الأكباد ويعتصر القلوب الباكية دما أروي لكم هذه السطور الحزينة والكئيبة عن مظاليم العمل، وهم شريحة كبيرة تطفو على مسرح الحياة بصمت يقطع أنياط النفوس البائسة التي غدرت بهم فئة ضالة وظالمة من الثعابين الإنسانية السامة التي امتصت دماءهم وصحتهم وعافيتهم وأفكارهم وحقوقهم ومستقبلهم، وحتى عرق شقاهم لحسوه من فوق جباههم.
إن هذه الفئة البائسة واليائسة من البشر المغبونة والمدفونة والمدكوكة والمعجونة بالقهر الإنساني الذي يفتت حنايا الضلوع بلا شك انهم جاءوا من مغارب الأرض ومشارقها بعد أن قطعوا آلاف الأميال من أجل أن يضمدوا بطونهم وبطون أسرهم بلقمة العيش الشريفة ليسدوا بها رمقهم، وبطون أطفالهم وزوجاتهم وآبائهم المبعثرين على شواطئ الأحزان بانتظار بارقة أمل.
وهؤلاء العمال كانوا بلا شك محملين بوعود كاذبة للعمل بمدينة الثراء والأحلام، فمن هؤلاء كانت له مأساة وقصة وفي قلب كل منهم غصة، فمنهم من باع ارضه ومنهم من رهن منزله ومنهم من باع كليته، وآخرون تسلّفوا دم قلبهم ليسلموها إلى تجار الرقيق، أعداء الله والإنسانية.
ويصل هؤلاء المساكين وهم أعواد ناشفة من الجوع والتعب، وتبدأ المأساة وتتبدد الأحلام فيعملون ساعات طوال بدون رحمة ويذوقون عذابا مأساويا فيحترقون على صفيح ساخن، فتجوع الأجسام وترتعش الأقدام وتتساقط دموع الأحزان أنهارا ويتقطع الوجدان بوخز من العذاب الإنساني الذي لا يحتمل، فمن هؤلاء من اعتصرهم الزمن بجبروته وذبحهم الظلم الإنساني بقسوته فبعد العمل المضني المهلك هناك من العمال من لم يتسلموا رواتبهم شهورا أو في غير مواعيدها المحددة، فكيف بالله عليكم يعيش هؤلاء المساكين إما بجمع العلب الفارغة لبيعها بأبخس الأثمان أو بالغوص بأعماق براميل الزبالة أو بطرق أبواب المواطنين بطرقات حزينة تفتت القلوب بحثا عن لقيمات من الأكل يقتاتون بها.
إن مثل هذه المناظر المأساوية لا يقرها دين أو أي شرائع سماوية، لذلك يجب إنزال أقصى العقوبات على كل من ظلم أو غرر بهؤلاء المساكين من تجار الظلم والرقيق سواء من شركات أو أفراد، وأتمنى أن يسنّ قانون جديد يحمي هؤلاء المدفونين بالحياة، بأن يؤمّن على كل فرد يعمل منهم في هذه الشركات التي تجلبهم للعمل معها وأن تشدد عليهم العقوبات، فعين الله لا تنام وستحاسب كل من تسبب بدمعة ألم واحدة انحدرت نارا من عيون هؤلاء الأبرياء.
اللهم احفظ الكويت وشعبها من كل مكروه تحت ظل الوالد القائد صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، وسمو ولي عهده الأمين الشيخ مشعل الأحمد، وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، حفظهم الله.