- فلسطين تقرّر وقف التنسيق الأمني مع حكومة الاحتلال.. وواشنطن تأسف
ارتفع منسوب التوتر في الأراضي الفلسطينية المحتلة على نحو يهدد بـ «خروج الأوضاع عن السيطرة» وانفجارها في أي وقت، عقب المجزرة الدموية التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامها الهمجي لمدينة جنين ومخيمها في شمال الضفة الغربية.
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تنكيس الأعلام والحداد لمدة 3 أيام على أرواح شهداء جنين، وعم الإضراب الشامل مختلف محافظات الضفة، وسط غضب رسمي وشعبي.
ووصفت الرئاسة الفلسطينية على لسان الناطق باسمها نبيل أبو ردينة، ما يجري في جنين ومخيمها بأنه «مجزرة تنفذها حكومة الاحتلال الإسرائيلية في ظل صمت دولي مريب»، الذي «يشجع حكومة الاحتلال على ارتكاب المجازر ضد شعبنا على مرأى العالم».
وفي قطاع غزة، قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري إن «الاحتلال سيدفع ثمن المجزرة التي نفذها في جنين ومخيمها.. ورد المقاومة لن يتأخر».
بدوره، قال عضو بارز في حركة الجهاد الإسلامي لوكالة فرانس برس، فضل عدم ذكر اسمه «إن حركة الجهاد أبلغت مصر «بأن تصعيد الاحتلال الإسرائيلي وعدوانه والمجزرة في جنين سيفتح الباب أمام معركة مفتوحة يتحمل الاحتلال مسؤولية تبعاتها».
وفي السياق، اندلعت مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة الخضر جنوب بيت لحم، وعلى المدخل الشمالي للمحافظة، تنديدا بالجريمة الوحشية التي ارتكبت في محافظة جنين ومخيمها.
وأثارت المجزرة الإسرائيلية الجديدة في جنين تنديدا واستنكارا دوليا وإقليميا واسعا، فيما سارعت واشنطن بالإعلان عن توجه وزير خارجيتها أنتوني بلينكن الأسبوع المقبل إلى إسرائيل والضفة الغربية المحتلة ومصر، من أجل «الحض على وقف أعمال العنف».
وأوضح المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس أن بلينكن سيلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس و«سيشدد على ضرورة أن يتخذ الطرفان خطوات لتهدئة التوتر من أجل وضع حد لدوامة العنف التي أودت بالعديد من الأبرياء».
وأعرب مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، عن «انزعاجه وحزنه لاستمرار دوامة العنف في الضفة الغربية، مؤكدا أهمية الحد من هذه التوترات على الفور ومنع المزيد من خسائر الأرواح»، وضرورة التواصل مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من أجل تخفيف حدة التوتر وإعادة الهدوء وتجنب المزيد من الصراع.
من جانبه، أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، بأشد العبارات «اقتحام قوات الاحتلال مدينة جنين ومخيمها للاجئين الفلسطينيين»، محذرا من أن «الصمت على اقتحام المناطق السكنية والمستشفيات وقتل الفلسطينيين على هذا النحو المشين الذي نشهده في جنين يهدد بتفجير الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإطلاق العنان لدائرة جهنمية من العنف».
وأدانت مصر الاقتحام الإسرائيلي لجنين، ودعت في بيان صادر عن وزارة الخارجية إلى الوقف الفوري لهذه الاعتداءات على المدن الفلسطينية، التي تهدد بخروج الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية عن السيطرة، محذرة من تداعياتها الخطيرة على الأمن والاستقرار.
بدوره، استنكر الناطق الرسمي باسم الخارجية الأردنية السفير سنان المجالي، في بيان حملة التصعيد العسكرية الإسرائيلية التي تنذر بتفجر دوامة جديدة من العنف الذي سيدفع الجميع ثمنها.
هذا، وانطلق موكب ضخم من أمام مستشفى جنين الحكومي لتشييع القتلى الـ 9 الذين لفت جثامينهم بالأعلام الفلسطينية في مسيرة جابت شوارع المدينة شارك فيها آلاف الفلسطينيين في جنين.
وقتــــل الفلسطينيــون الـ 9 ومن بينهم سيدة مسنة وأصيب أكثر من 20 آخرين، خلال عملية لجيش الاحتلال في مدينة جنين ومخيمها استهدفت اعتقال مطلوبين فلسطينيين، وفق مصادر فلسطينية وإسرائيلية.
وقالت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة إن «قوات الاحتلال اقتحمت مستشفى جنين الحكومي، وأطلقت بشكل متعمد قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه قسم الأطفال في المستشفى».
وأشاد وزير الأمن الداخلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير باقتحام جنين، وقال: «نحن ندعم جنودنا في المعركة ضد الإرهابيين وكل إرهابي يحاول إيذاء قواتنا يجب أن يعلم أنه يخاطر بحياته».
في الغضون، قررت القيادة الفلسطينية اعتبار التنسيق الأمني مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، «لم يعد قائما».
جاء ذلك في بيان صدر عن الاجتماع الطارئ الذي عقدته القيادة الفلسطينية برئاسة رئيس دولة فلسطين محمود عباس، لبحث تداعيات المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنين بحق أبناء الشعب الفلسطيني والتي أدت إلى ارتقاء 11 شهيدا وجرح العشرات.
وقررت القيادة - وفقا للبيان الذي تلاه الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، خلال مؤتمر صحافي عقد مساء امس، في تلفزيون فلسطين، وأوردته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) - «التوجه الفوري لمجلس الأمن الدولي لتنفيذ قرار الحماية الدولية للشعب الفلسطيني تحت الفصل السابع ووقف الإجراءات أحادية الجانب».
وأضاف أبو ردينة أن القيادة قررت التوجه - بشكل عاجل - للمحكمة الجنائية الدولية، لإضافة ملف المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنين إلى الملفات التي تم تقديمها سابقا، والدعوة الفورية لقدوم لجنة التحقيق الدولية المستمرة في مجلس حقوق الإنسان، للتحقيق وإحالة مخرجاتها بشأن مسؤولية الاحتلال عن هذه المجزرة للمحكمة الجنائية الدولية ومجلس الأمن.
كما قررت القيادة الفلسطينية، استكمال الانضمام إلى بقية المنظمات الأممية والدولية، والتحرك على المستويات العربية والإسلامية والدولية من أجل دعم الموقف الفلسطيني.
وقال أبو ردينة - في البيان - «إن الرئيس يدعو جميع القوى الفلسطينية لاجتماع طارئ، للاتفاق على رؤية وطنية شاملة ووحدة الصف لمواجهة العدوان الإسرائيلي والتصدي له».
من جهتها، أعربت الولايات المتحدة عن أسفها لقرار السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وقالت باربرا ليف، كبيرة الديبلوماسيين الأميركيين لشؤون الشرق الأوسط، للصحافيين «من الواضح أننا لا نعتقد أن هذه هي الخطوة الصحيحة التي يجب اتخاذها في هذه اللحظة».
وأضافت «نعتقد أنه من المهم جدا أن يبقي الطرفان على التنسيق الأمني، وإذا كان هناك من أمر، فيتعين تعزيز التنسيق الأمني بينهما».