- الخميس: فلنبدأ بداية طيبـة مباركة مع كتاب الله قراءةً وفهماً وعلماً ونشراً
- البراك: به تحيا القلوب وتنشرح الصدور وتزكو النفوس وتفرَّج الهموم
(شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أُخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتُكملوا العدة ولتُكبِّروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون)، فلنتعرف على خصائص شهر القرآن.
القرآن زادك في رمضان
في البداية، يقول الشيخ د.عثمان الخميس: يقول الله تبارك وتعالى: (شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن)، ويقول سبحانه عن هذا الشهر الكريم وارتباطه بالكتاب العزيز: (إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر)، فالقرآن الكريم له ارتباط عظيم بشهر رمضان، وشهر رمضان هو شهر القرآن، كان جبريل عليه السلام يأتي النبي صلى الله عليه وسلم كل ليلة فيدارسه القرآن الكريم، فعلى المسلم أن يحرص على مدارسة القرآن والعناية به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفَّتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده».
وأكد د.الخميس أن شهر رمضان شهر مناسب جدا لأن يعكف الإنسان فيه على كتاب الله خاصة ونحن في الوضع الذي نعيشه الآن، فهناك وقت وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من قراءة كتاب الله في رمضان وكان سلفنا الصالح يسيرون على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم في مدارسة كتاب الله وكانوا يتركون كل العلوم من الحديث والفقه وغيرها من أجل مدارسة القرآن، فكان الإمام أبوحنيفة يختم القرآن في كل يوم وليلة مرة، وفي رمضان في كل يوم مرتين، مرة في النهار ومرة في الليل، ونجد في سير السلف كالشافعي أنه كان اذا دخل رمضان يكون له ستون ختمة وكل ختمة في الصلاة، وكان بعض السلف يقرأ ختمتين في اليوم وبعضهم ختمة وبعضهم كل ثلاث أيام ختمة او كل أسبوع، ونجد أكثر الناس اليوم في شهر رمضان ختمة وليس الموضوع الختمة، المهم أن تكثر من النظر في كتاب الله تبارك وتعالى. فليكن رمضان بداية الخير أن نعمل بكتاب الله حتى لا يكون القرآن حجة علينا نريد أن يكون حجة لنا لا حجة علينا، وأن نحرص على نشر كتاب الله اما بتوجيه الناس الى قراءته وحفظه وفهمه وتدبره، وإما بالمساهمة المالية بطباعة المصاحف او بكفالة معلمي القرآن سواء بإنشاء حلقات لتحفيظ القرآن في بلدك أو خارجها.
وزاد: وعلى المسلم أن تكون له ختمة أقل شيء في رمضان «من لم يقرأ القرآن في شهر فقد هجره» فلتكن خير بداية علاقة طيبة مباركة مع كتاب الله بحيث يكون الإنسان بعد ذلك مكبا على القرآن قراءة وفهما وعلما ونشرا، وهكذا نكون من المحافظين على سنة النبي صلى الله عليه وسلم المقبلين على كتاب الله جل وعلا، فهذا شهر القرآن فانهلوا من الحسنات العظيمة المبذولة من الله والأجر الوارد في القرآن (بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها)، لكل من يقرأ القرآن، تصوروا كم تحصل من الأجر اذا قرأنا صفحة واحدة او وجها واحدا من كتاب الله، هذا سبيل عظيم الى الجنة يجب ألا نفوته، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر بأنه تفتح أبواب الجنان، ولله كل ليلة عتقاء يعتق من عباده من يشاء.
رمضان شهر القرآن
وعن أفضال شهر القرآن، يقول د.محمد البراك: فضّل الله عز وجل شهر رمضان على سائر الشهور، واختصه بنزول القرآن فيه، فقال تعالى: (شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) (البقرة: 185).
فالقرآن مرتبط بشهر رمضان ارتباطا وثيقا، فإضافة إلى نزول القرآن فيه، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض القرآن على جبريل مرة في كل عام في شهر رمضان، فكان «يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن» (متفق عليه).
ورمضان شهر القيام، والقيام يكون بالقرآن، ورمضان شهر لتزكية الأرواح بالصيام، والقرآن سماه الله عز وجل روحا، فقال تعالى: (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا) (الشورى: 52)، وهو حياة الأرواح، قال سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) (الأنفال: 24).
وكما أن الصيام والقرآن مرتبطان في الدنيا، فهما مرتبطان في الآخرة كذلك، فيشفعان للعبد يوم القيامة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام منعته الطعام والشراب بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان» (مسند أحمد).
وزاد: وأثنى الله تعالى على عباده الذين اصطفاهم ووفقهم لتلاوة القرآن تدبرا لمعانيه، وعملا بأحكامه، وتأدبا بآدابه، وأخبرنا بأن تجارتهم رابحة لا تبور، قال تعالى: (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور، ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور) (فاطر: 29 و30).
وقارئ القرآن يثيبه الله سبحانه بكل حرف حسنة، والحسنة بـ 10 أمثالها، وتغشاه الرحمة، وتتنزل عليه السكينة، ويحاط بالملائكة، ويذكره الله عنده في الملأ الأعلى، ويقيه ظلمات يوم القيامة، ويبعد عنه الشدائد، وينير قلبه، وينال العبد الخيرية في الدنيا، والشفاعة في الآخرة، قال صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه». (صحيح البخاري).
فلهذه الفضائل وغيرها ينبغي أن يستزيد المسلم في هذا الشهر من تلاوة القرآن، ومدارسته، وتعليمه، تدبرا وفهما وعملا واستماعا، ودعوة الى ما فيه، فبذلك تحيا القلوب، وتنشرح الصدور، وتزكو النفوس، وتخشع الجوارح، وتفرج الهموم، ويحقق العبد المقصود من نزول القرآن في شهر القرآن.
نسأل الله تعالى أن يتقبل منا الصيام والقيام وقراءة القرآن، وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته. آمين.