لا شكّ أن القلم له منزلة كبيرة عند الله سبحانه وتعالى، وذلك لأهميته لدى الأفراد والجماعات والشعوب وتطورها العلمي والثقافي.
والقلم هو أول ما خلقه الله جل شأنه، حيث ذكر الله القلم في سورتين كريمتين من كتابه الكريم هما سورة القلم وسورة العلق. فقد قال عز شأنه في سورة القلم (ن والقلم وما يسطرون)، وقال جل جلاله في سورة العلق (اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الإنسان من علق (2) اقرأ وربك الأكرم (3) الذي علم بالقلم (4) علم الإنسان ما لم يعلم (5)).
والقلم نعمة من أكبر النعم التي أنعمها الله عز وجل على البشر، ولولا القلم ما كان هناك دين وثقافة وعلم وتربية، فالقلم قد أخرج الناس من بحر الظلمات الحالكة إلى نور العلم والتبصير به، ففضل القلم على البشر كبير.
ولكم أن تتخيلوا كم لهذه الأداة الصغيرة من أهمية في ارتقائنا ونشر ثقافتنا، فبدون القلم لن تدون العلوم ولا تقيّد الأحكام ولا تنقل الأخبار والمقالات ولا يخرج لنا من بطون الكتب الخير الكثير والزاد الوفير الذي يغذي عقولنا ويشحذ هممنا وينشط فكرنا، فمن دون القلم لا كتابة ولا تدوين ولا نقل لأي علم أوحضارة من حضارات الأولين وتجاربهم وآدابهم وأفكارهم، وكذلك لا يمكننا من دون القلم أن ننقل العلم من بلد لآخر، فلا تكون هناك ثقافة فتنتهي وتفنى مع الزمن ولا يبقى لها وجود.
أما مع الكتابة فإن هذه العلوم تكبر وتعلو وتزدهر والآداب ترتقي، فنبني عليها صرح حضارة متينة قوية فتتزايد هذه العلوم إلى ما شاء الله، فعن طريقها تنمو الحضارات وتسمو الأفكار وتحفظ الأديان وتنشر الهداية فيعم الخير على المجتمع.
فلقد بدأ سبحانه وتعالى بالدعوة إلى القراءة والكتابة والحث عليها وبيان أنهما من آيات الله في خلقه ومن رحمته بهم وبيان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو العربي الأمي الذي لا يعرف منهما شيئا، فلقد جاء صلوات الله عليه وكانت معجزته قرآنا يتلى وكتابا يكتب وأنه بذلك نقل أمته من حال الأمية الكاملة إلى حال العلم، كما قال تعالى ممتنا بذلك (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ).
عزيزي القارئ، هذه نبذة مبسطة عن قصة القلم ننقلها لكم على سبيل المعلومة والمعرفة بأمور ديننا الحنيف، والله أسأل أن يوفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه.