لكم ربي يا أهلنا في السودان، فلا يكاد هذا القطر العزيز على قلوبنا يهدأ قليلا حتى تشتعل به فتنة أخرى من فرق استمرأت حمل السلاح على الدولة وطلبت الحماية من العصبيات الأقلية بغض النظر عن راية العصبية، حزبية دينية أو حتى قبلية، فزاد الضغط على القوات النظامية سواء كانت جيشا أو شرطة، وزادت الحاجة للحزم مع تزايد مظاهر الفوضى وقطع الطريق، وما أكثرها.
ويــبدو أن هذه الجماعات بغض النــظر عن المسميات، هناك من يدعــمها ويدفعها لما تقوم به بل حــتى يحاول أن يعطيها المسوغ الــشرعي والقانوني لذلك، والأدلة عــلى ذلك واضحة، ولكن السؤال لماذا السودان الآن؟ برأيي المتواضع فإن استقرار السودان سيجعل الحكومة المركزية في الخرطوم تلتفت للتنمية واستثمار الثروات الطبيعية فيها، النفط مثلا، ناهيك عن الثروات الزراعية والقدرات الصناعية الهائلة التي يتميز بها السودان الشقيق، والتي ان تمت تحول السودان إلى داعم قوي للقضايا العربية.
سبب آخر وهو محاصرة النفوذ الصيني في أفريقيا، عرقلته وتعطيله، والسودان كان منذ عقدين من الزمن وجهة رئيسية لاستثمار الشركات الصينية في الزراعة والصناعات الخفيفة والثقيلة، بل وحتى صناعات الأسلحة، الكثير من مصانع الأسلحة في السودان يحظى بدعم سخي من الصين، ويشغل الجيش السوداني الكثير من الأسلحة الصينية ويصنع أسلحة بترخيص أو بدون ترخيص مصدر تكنولوجياتها الصين، ولكن بأسعار رمزية مقارنة بشركات السلاح الأوروبية والأميركية الأكثر تحفظا في أمور نقل التكنولوجيا، وصار السودان مشاركا رئيسيا في معارض السلاح الإقليمية بشكل دائم، وهذا أيضا يعتبر رافدا مهما للقوة العربية على العموم بمواجهة التحديات الإقليمية.
إن الظروف الدولية والضغوط السياسية جعلت السودان يفقد نصفه الجنوبي، والآن بعد أن تشافى السودان جزئيا من بعض جراح الماضي وسار ولو قليلا في قضايا التنمية انبثق جرح جديد، الآن دور العرب لنصرة السودان، لأن الأمر لا يحتمل مزيدا من التأخير، والهدف المصلحة العربية العامة، وفي الختام سلام.
ملاحظة: يبدو أن تطويق مصر بحزام من الفوضى جنوبا (السودان) وشرقا (غزة) وغربا ليبيا، هدف للمدى البعيد بالنسبة لبعض القوى، وشكرا.