المتقاعدون جزء لا يتجزأ من كيان الدولة وشهود عيان على تاريخ الدولة المعاصر، وهم من أمضوا زهرة شبابهم في خدمة الدولة وحملوا أمانتها، وكانوا في ذلك الوقت البعيد نسبيا يحفرون آبار النفط مع الشركات الأجنبية ويتحملون مشقة الجهد والعناء والتعب.
ومنهم من عمل أو أشرف أو أدار الهيكل الإداري والأمني والعسكري والصحي والخدمي للدولة، ومنهم من شهد بدايات نهضة الدولة وعمل على بنائها في الستينيات والسبعينيات عندما كانت الكويت جوهرة الخليج، ومنهم من تركوا اسرهم وشاركوا في الحروب العربية ضد الصهاينة المحتلين، ومنهم من استشهد ومنهم من لا يزال حيا حتى يومنا هذا، ومنهم من كان يأخذ بسيارته رجال هذا الجيل عندما كانوا صغارا ويذهب بهم الى المدينة الترفيهية والجزيرة الخضراء وسينما الأندلس.
ومنهم من تصدى للغزو الصدامي الغاشم على الكويت، وجميعهم التفوا حول القيادة السياسية للكويت ورفضوا أي بديل لها، ومنهم من حارب المحتل ورزقه الله الشهادة، ومنهم من قام بإعادة إعمار الكويت بعد التحرير.
وهم الآن يعيشون بيننا من دون أي تكلف وهم صامتون في التقلبات السياسية ولا يقولون الا خيرا أو يعودون الى صمتهم وهم شديدو الولاء لوطنهم ولقيادتهم السياسية، وقد لعبوا دورا بارزا وحكيما في كبح جماح الحماس الشبابي خلال فترة الربيع العربي حرصا على استقرار وأمن البلاد وأهلها.
ولقد كانوا صارمين مع ابنائهم الذين ضاعت عقولهم خلال عواصف العواطف التي خلقتها بعض التقلبات السياسية، إما من خلال التعاون مع الجهات المختصة أو من خلال الحوار المثمر مع ابنائهم.
وهم من يجتمع عندهم الأبناء والأخوات والأحفاد في نهاية الاسبوع ويصرفون ما في جعبتهم من راتب التقاعد بهدف إدخال الفرح والسرور على جميع أفراد الأسرة. والمتقاعدون يمثلون الجناح الخفي للدولة الذي يدعم الاستقرار الأمني عند التغيرات الفكرية العالمية.
وهم رؤوس المال للأسر الكويتية ويستحقون أن نرد لهم الجميل على ما قدموه من خير للوطن ولهذا الجيل الذي حمل على عاتقه مسؤولية الكويت، فالله الله بالكويت. ونسأله تعالى أن يكونوا خير خلف لخير سلف.
وختاما، أرجو من الله العلي العظيم أن يرحم موتاهم ويطيل في أعمار الأحياء منهم.