«لماذا هذا التشاؤم والتأكيد على أنك لست ضمن فريق المتفائلين الذين يطمحون إلى تحول الهدنة إلى إيقاف دائم لإطلاق النار، أو على أقل تقدير تمديد فترتها حتى يستريح الجميع قليلاً الضارب والمضروب.. والداعمون والمتفرجون؟!».
هكذا جاء صوت صديقي الإعلامي المصري الكبير عبر الهاتف بمجرد بث مقال الأمس متضمناً رأيي فيما سيحدث بعد الهدنة.. ويمكنني إيجاز ردودي على تساؤلاته فيما يلي:
أولاً: لم يجرؤ مسؤول صهيوني واحد سواء داخل حكومة نتنياهو أو خارجها على مجرد الحديث تصريحاً أو تلميحاً عن «التفكير» في تمديد الهدنة.
ثانياً: الذين «يلمحون» إلى «تفاؤلهم» بإمكانية تمديد الهدنة سواء في دول الاتحاد الأوروبي أو داخل أروقة واشنطن هم أنفسهم «الداعم الأكبر» لتل أبيب، وأقصى ما «يقدرون» على فعله هو محاولة «الضغط» على نتنياهو «للإسراع» بإنهاء العمليات العسكرية، نظراً لتصاعد الضغط الشعبي والإعلامي، والتحول الملحوظ في الرأي العام الدولي نحو فهم حقيقي لتعرض الشعب الفلسطيني لحرب إبادة، ومحاولات تهجير قسري مخطط لها مسبقاً.
ثالثاً: برغم المذابح اللاإنسانية والدمار غير المسبوق الذي تسببت فيه آلة الحرب الصهيونية في غزة إلا أن أياً من الأهداف التي وعدت بها حكومة نتنياهو الإسرائيليين وخصوصاً اليمين المتطرف لم تتحقق، فلم تتم «استعادة» الرهائن بالكامل، والأهم لم يتم القضاء على «حماس» أو أي من فصائل مقاومة مسلحة أخرى، وكل ما حدث هو «الاضطرار» للقبول بالتفاوض مع «حماس» نفسها ـ من خلال القاهرة والدوحة ـ والقبول «صاغرين» بالهدنة مقابل الإفراج عن «بعض الأسرى لدى حماس وإخراج الجرحى الفلسطينيين وإدخال المعونات وبخاصة الوقود الى كل أنحاء غزة، لذلك فلا مفر أمام أكثر الحكومات تطرفاً في تاريخ الدولة العبرية سوى استمرار عمليات «التطهير» ومواصلة المذابح.. لربما ينجو وزراؤها من المحاكمات التي سيواجهونها بعد أن تضع الحرب أوزارها.
خامساً: الموقف المصري «الفولاذي» لرفض محاولات التهجير القسري للفلسطينيين، والتحرك الدبلوماسي المكثف والناجح الذي أدى إلى تغيير مواقف دول كانت مستعدة لتبني وجهة النظر الصهيونية، والحسم والحزم الواضحان في رسائل الرئيس عبدالفتاح السيسي بأن محاولة التهجير ستكون «إعلان حرب»، وبالتالي تم «وأد» حلم التهجير القسري إلى حين، وبالتالي لا سبيل أمام «دراكولات» اليمين الصهيوني المتطرف سوى استمرار الحرب على فلسطين فور انتهاء الهدنة.. وعلينا الاستعداد جيداً للأمر سياسياً.. واقتصادياً.. و(عسكرياً.. إذا قدَّر الله)!
.. وحفظ الله مصر وفلسطين وأهلهما من كل سوء.
https://linktr.ee/hossamfathy