استمعت إلى مقطع فيديو في وسائل التواصل الاجتماعي يتحدث فيه فضيلة الشيخ محمد راتب النابلسي ويقول: «إذا أردت ان تسعد، فأسعد الآخرين، فأنت أسعدهم، لأن الله شكور».
نعم عزيزي القارئ إذا أردت ان تحصل على السعادة فأسعد الآخرين، لأن في سعادة الآخرين سعادة لك.
رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم يقول في الحديث الشريف: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة، أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد (يعني مسجد المدينة) شهرا...».
وللسعادة عدة تعريفات ومنها «السعادة في العطاء» وإليكم قصة توضح احداثها كيف تتحقق السعادة لمن يحرص على ادخال السعادة على قلوب الآخرين.
رجل غني منّ الله عليه بالمال والخير الكثير، وشاء الله عزّ وجلّ ان يصاب بمرض في القلب فسافر الى الخارج للعلاج، حيث ان مرضه جعله ضعيف البنية، وصارت حالته الصحية تسوء يوما بعد يوم، وهناك في المستشفى المشهور بعلاج القلب نصحه الأطباء بعمل عملية مستعجلة وقالوا له: إن نتيجة العملية غير مضمونة وذلك لخطورتها ولكن من الأفضل عملها».
عندما سمع هذا الكلام من الأطباء، طلب منهم تأجيل موعد العملية كي يعود الى بلده لعدة ايام ليسلم على اهله ومعارفه لعله لا يلقاهم بعد اجراء العملية، وحتى يؤدي ما عليه من حقوق للناس، فوافق الأطباء على طلبه على أن يعود بأسرع وقت، ولا يتأخر لأن أي تأخير فيه خطر على قلبه.
عاد الى بلده ومكث مع اهله وأدى ما عليه من حقوق، وأنجز بعض اعماله الضرورية واستعد للسفر، وقبل سفره وهو يسير مع احد اصدقائه في احدى الطرق وبالقرب من محل أحد الجزارين رأى امرأة عجوز تجمع فتات اللحم والعظام من الأرض قرب محل الجزار، فرقّ لحالها، وناداها وسألها عن سبب فعلها ذلك، فقالت له: انه الفقر والحاجة فلدي ثلاث بنات، ونحن نعيش حياة قاسية دون معيل وأنا اجمع ما ترى لأسدّ به رمق بناتي وجوعهن، حيث اننا لم نذق طعم اللحم منذ مدة طويلة، وأصابتنا فاقة وحاجة لا يعلم بها إلا الله عزّ وجلّ، فلما سمع كلامها اخذ بيدها الى الجزار وقال له: اعط هذه المرأة ما تحتاج إليه من لحم، فقالت: كيلو يكفينا.
قال: بل كيلوان وكل اسبوع ودفع للجزار مقدما عن سنة كاملة، فرفعت العجوز المسكينة يدها إلى رحمن السموات والأرض ورحيمهما تبتهل إليه تدعو لهذا الرجل الحنون العطوف دعوة صادقة نابعة من القلب، وما أن انزلت العجوز يدها، حتى شعر الرجل المريض بالنشاط والصحة تتحرك في جسده، وأحس بقوة وحيوية لم يكن يحس بهما من قبل، وعاد الرجل الى بيته، فاستقبلته احدى بناته فقالت له: ما شاء الله عليك يا أبي ارى علامات الصحة والنشاط والعافية تبدو على محياك!!
فأخبرها بالقصة، فسعدت كثيرا لذلك ودعت لوالدها بأن يشافيه الله ويسعده كما اسعد هذه الأم المسكينة وأسعد بناتها.
غادر الرجل بلاده ودخل المستشفى وفيها فحصه الأطباء فذهلوا وفوجئوا وقالوا: هذا مستحيل مستحيل لقد زال المرض وذهبت العلة. كل التقارير السابقة والفحوصات كانت تشير الى خلل كبير في القلب.
مَنْ عالجك؟! مَنْ شافاك؟! مَنْ أعاد إليك صحتك؟! كيف تشافيت بهذه السرعة؟!
فرد عليهم وهو ينظر الى السماء بعين دامعة شافاني الله أرحم الراحمين.
٭ اقرأ واتعظ: عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «داووا مرضاكم بالصدقة».